التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها
التاريخ ٨/٢/١٤٢٥هـ
السؤال
أرجو بيان صحة هذا الحديث:"إن الله لا يقبل توبة صاحب بدعة حتى يتوب"(رواه الطبراني وغيره) ، كما أرجو بيان صحة القول التالي للإمام الشافعي:"من كان يظن أنه يستطيع أن يبتدع في الدين بأفضل مما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو مشرع، وكأنه ينافس الله عز وجل، فلو كان ذلك جائزاً في الإسلام لتقدم المفكرون وليس علماء الشرع بدين جديد ولضل الناس".
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
حديث:"إن الله لا يقبل توبة صاحب بدعة حتى يتوب"، أقول: أخرج نحوه أبو الشيخ في تاريخ أصبهان (٢٥٩) ، والطبراني في الأوسط (٤٢٠٢) ، والهروي في ذم الكلام (٩٦٠) ، والبيهقي في شعب الإيمان (١٢/٥١٣) ، والمقدسي في المنار (٢٠٥٤) ، كلهم عن طريق هارون بن موسى الفروي عن أبي ضمرة أنس بن عياض عن حميد الطويل عن أنس - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن حجز وفي لفظ حجب التوبة عن كل صاحب بدعة"، وهذا الحديث تفرد به هارون بن موسى الفروي، وإن كان ثقة كما وصفه بذلك الدارقطني وغيره، إلا أنه لا يقبل منه ما يتفرد به لا سيما مثل هذا، وقد عد الذهبي - رحمه الله- في الميزان (٤/٢٨٧) هذا الحديث من منكراته وقال: هذا منكر.
والسبب في ذلك - والعلم عند الله- أن هارون بن موسى تفرد بهذا الخبر، والتفرد من علامات المنكر لا سيما إذا كان المتفرد بالحديث من أهل الطبقات النازلة، وهو من دون عصر التابعين بعد أن استقرت الرواية وعرفت مخارجها، قال الإمام الذهبي في الموقظة (٧٧-٧٨) ، بعد أن ذكر أسامي جملة من الحفاظ، قال: فهؤلاء الحفاظ الثقات، إذا انفرد الرجل منهم من التابعين فحديثه صحيح، وإن كان من الأتباع قيل: صحيح غريب، وإن كان من أصحاب الأتباع قيل: غريب فرد، ويندر تفردهم، فتجد الإمام منهم عنده مئتا ألف حديث، لا يكاد ينفرد بحديثين أو ثلاثة، ومن كان بعدهم، فأين ما ينفرد به؟ ما علمته يوجد، ثم قال: وقد يسمي جماعة من الحفاظ الحديث الذي ينفرد به مثل هشيم وحفص بن غياث منكراً، ثم قال: فإن كان المنفرد من طبقة مشيخة الأئمة، أطلقوا النكارة على ما انفرد به، مثل عثمان ابن أبي شيبة وأبي سلمة التبوذكي، وقالوا: هذا منكر، قلت: وهارون بن موسى الفروي من هذه الطبقة، وقد تفرد بهذا الخبر وليس هو ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه.
قال ابن رجب في شرح العلل (٢/٥٨٢) ، وأما أكثر الحفاظ المتقدمين، فإنهم يقولون في الحديث إذا انفرد به واحد، وإن لم يرو الثقات خلافه إنه لا يتابع عليه، ويجعلون ذلك علة فيه، اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه، وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أيضاً.."، وقد ذكر المعلمي - رحمه الله- هارون بن موسى هذا في حديث ذكره الشوكاني في الفوائد ثم قال: تفرد به هارون بن موسى وهارون شيخ لا يقبل منه ما يتفرد به لا سيما مثل هذا ص (٥٠٣) ، قلت: وتابع هارون محمد بن عبد الرحمن القشيري، أخرجه ابن أبي عاصم في السنة رقم (٣٧) ،وابن عدي في الكامل (٧/٥٠٥) ، من طريق بقية بن الوليد عن محمد بن عبد الرحمن القشيري به، ومحمد بن عبد الرحمن القشيري: قد قال فيه أبو الفتح الأزدي، كذاب متروك الحديث، وقال الدارقطني: متروك، وقال ابن عدي: منكر الحديث، وقال الذهبي: فيه جهالة وهو متهم ليس بثقة. ذكر ابن عدي حديثه هذا قال: وهذه الأحاديث لمحمد بن عبد الرحمن القشيري بأسانيد كلها مناكير بهذا الإسناد/ وفيها ما متنه منكر ومحمد هذا مجهول وهو من مجهولي شيوخ بقية، وانظر كلام ابن الجوزي حول هذا الحديث في العلل المتناهية (١/١٤٥) ، وأخرج نحوه ابن وضاح في البدع والنهي عنها رقم (١٥٦) من طريق بقية عن محمد بن عبد الرحمن القشيري عن هشام عن الحسن مرسلاً، وفي إسناده القشيري وقد تقدم أنه متروك الحديث.