للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[توزيع ماء الشرب في المقابر]

المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان

عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً

التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة

التاريخ ١٧/٠٩/١٤٢٥هـ

السؤال

حكم توزيع الماء البارد في المقابر على مشيعي الجنازة من أجل الإبراد عليهم وإذهاب العطش عنهم، وهل هو داخل في النهي عن صنع الطعام عند موت الميت؟

الجواب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

الماء ليس طعامًا في اللغة، ولا في اصطلاح الشرع، فالطعام اسم لما يطعم، والشراب اسم لما يشرب، والنهي إنما هو لصنع الطعام من أهل الميت للمعزين أو المشيعين، وليس العكس، بل إن وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم ماء زمزم بأنه "طَعَامُ طُعْمٍ"- أخرجه مسلم (٢٤٧٣) - يدل على أن غير ماء زمزم ليس بطعام، وعلى هذا فإن منع تقديم الماء وشربه للمشيعين للجنازة قياسًا على صنع أهل الميت الطعام للمعزين قياس مع الفارق، كما أن منعه استنادًا لقاعدة (سد الذريعة) ، لو قيل بذلك، غير صحيح؛ لأن الذريعة لا تُمنع أو تُسد إلا إذا أفضت إلى حرام أو مكروه، وليس الأمر كذلك، فإن (الأصل في الأشياء الإباحة) حتى يرد دليل المنع أو الحظر، ولا يوجد دليل على ذلك، فتقديم الماء للناس في المقبرة عند حاجتهم إليه يعظم الله به الأجر، كما في حديث أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه- في مسند أحمد (١١١٠١) : "أَيُّمَا مُؤْمِنٍ سَقَى مُؤْمِنًا شَرْبَةَ ماءٍ عَلَى ظَمَأٍ سَقَاهُ اللهُ يومَ القِيامَةِ مِنَ الرَّحِيقِ المَخْتُومِ..".

ومنعه أو تحريمه أخشى أن يكون من القول على الله بغير علم، ومن التشدد المنهي عنه في الدين، قال تعالى: (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ) [النحل:١١٦] .

<<  <  ج: ص:  >  >>