للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[والدي يستطيل في أعراض المحصنات!]

المجيب يوسف صديق البدري

داعية إسلامي وخطيب مسجد الريان بالمعادي ومستشار اللغة العربية بوزارة التعليم

التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين

التاريخ ٢٣/٠٧/١٤٢٦هـ

السؤال

أريد أن أسأل عن عقوبة قذف المحصنات في الدنيا والآخرة، حيث إن والدي -للأسف الشديد- لا يثق أبداً في أي امرأة؛ نظراً لمغامراته العديدة قبل الزواج، والتي يفتخر بها أمامنا، فيتهمني دائما بأني على علاقات مريبة وغيرها من الاتهامات التي أخجل من ذكرها، ولم تسلم أمي ولا زوجة أخي منه، فاتهمهما في شرفهما حتى حوَّل حياتنا جميعاً إلى جحيم وخوف دائم من الفضائح، وأعترف بأني لا أكن له أي شعور بالحب أو الاحترام، ولكني أتعامل معه بما لا يغضب الله، وأخشى أن أنفجر في يوم ما ولا أستطيع أن أعامله بما ينبغي، أما أمي فقد طفح بها الكيل، وتفكر دائماً في اعتزاله في الفراش، بعد أن أصبحت غير قادرة على مجرد النظر إليه، مع أنها أيضاً تراعي الله في تصرفاتها معه إلى الآن.

فما حكم الشرع في مثل هذا الرجل؟ وما الحكم إذا لم أستطع البر به كما ينبغي؟ وهل على أمي شيء لو اعتزلته؟ علماً أنها ترفض الطلاق؛ حتى لا تفضحنا، فنحن في مراكز محترمة؟ أفيدوني أفادكم الله.

الجواب

الحمد لله، وأصلي وأسلم على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فمن صور الابتلاء التي تجري في حياة الناس، أن يكون بعضهم فتنة لبعض، ولعلها إحدى سنن الله تعالى في خلقه، إذ يقول جل وعلا: "وجعلنا بعضكم لبعض فتنة.." [الفرقان: ٢٠] ، ومن هذه الفتن أن تكون في أحد أفراد الأسرة، وأشدها ـ دون شك ـ ما يكون في قيّم الأسرة وراعيها والمسئول عن حمايتها ودرء السوء عنها كالأب والأم وغيرهما؛ وفي الحديث الصحيح: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته.." أخرجه البخاري (٨٩٣) ، ومسلم (١٨٢٩) . ولم يكثر القرآن الكريم في الوصية بالأولاد؛ لأن رعايتهم وحسن كفالتهم وتربيتهم على القيم الرفيعة والآداب السامية هو من مكونات الفطرة التي خلق الله الناس عليها، ومع هذا فقد ضرب الله مثلاً بلقمان -عليه السلام- وأفرد له سورة باسمه تحمل بعض آياتها أسس التربية التي يجب على الوالدين غرسها في نفوس أبنائهم.. أما أن يكون الأب (راعي الأسرة) وسترها وغطاؤها -كما يقال- هو معول هدمها، وهو من يعمل على تخريبها وتفككها، فهذا أمر عجيب، بل هو من البلاء المرّ.. وأنا أعجب -كذلك-؛ فكيف لرجل يحمل بين ضلوعه شيئاً من الغيرة أو بعضاً من النخوة أن يطلق لسانه زاهياً ومفتخراً بمغامراته ومعاصيه التي سترها الله عليه؛ فإذا به يكشفها -كما ذكرتِ- أمام أسرته زوجته وابنته وغيرهم، ألم يسمع قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كل الناس معافى إلا المجاهرين ... " أخرجه البخاري (٦٠٦٩) ، ومسلم (٢٩٩٠) . هذه أولى المصائب.

<<  <  ج: ص:  >  >>