فضيلة الشيخ: تزوج رجل بامرأة زواجاً بدون أوراق رسمية، وبعد ستة أشهر دبت بينهما الخلافات التي أدت لأن يتركها، وعلى مدار سنة طالبته بالطلاق، وكان يعدها أنه سيفعل، ولكن بعد أن يستوفي حقوقه المادية منها، ثم تعرفت على رجل آخر وتزوجته دون أن تخبره بالزواج السابق باعتباره كان نصباً واحتيالا عليها، وهي الآن حامل من الزوج الثاني، والزوج الأول يؤكد أنه لم يطلقها، والثاني يؤكد أنه لم يعلم بهذا الزواج السابق، وكل من الثلاثة يسأل عما يلزمه شرعاً؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإن ما فعلته هذه المرأة منكر عظيم، وذنب كبير، وفعل شنيع، وزيجة باطلة، لا شك في بطلان عقد نكاحها من الثاني بإجماع أهل العلم كما قال تعالى:"حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم ... " إلى أن قال: "والمحصنات من النساء إلا ما ملكت إيمانكم كتاب الله عليكم"[النساء:٢٤،٢٣] ، قال ابن كثير - رحمه الله- في تفسيره (٢/٢٥٦) : (أي وحُرم عليكم الأجنبيات المحصنات وهن المتزوجات "إلا ما ملكت أيمانكم" يعني: إلا ما ملكتموهن بالسبي فإنه يحد لكم وطؤهن إذا استبرأتموهن ... ) ، فما دام أن عقد المرأة بزوجها الأول صحيح مستوفٍ لشروطه وأركانه الشرعية من الزوجين الخاليين من الموانع، وحصول الإيجاب والقبول مع توافر شروط النكاح الأربعة وهي تعيين الزوجين ورضاهما، والولي والشاهدان، فإنه يحرم على المرأة أن تبذل فرجها لرجل آخر بحيلة الزواج منه، فهذا محرَّم بالنص والإجماع، وبناء على ما حصل فإنه يترتب على هذا الفعل الأمور التالية:
أولاً: يجب على المرأة التوبة الصادقة النصوح لله -تعالى-، والندم على ما فعلت من ذنب كبير وخطيئة عظمية، وأن تصلح من حالها وتستقيم على طاعة ربها، وتكثر من الأعمال الصالحة.
ثانياً: ما دام أن الزوج الأول لم يطلقها وهي كذلك لم تدع طلاقه لها -كما هو ظاهر السؤال- فهي لا زالت زوجة للأول وفي عصمته، ويجب التفريق بينها وبين الثاني، فلا يقربها؛ فهي أجنبية عنه لكونها في عصمة رجل سابق في عقد صحيح ولا يحتاج هذا النكاح الثاني إلى فسخ؛ لأنه باطل أصلاً لا حكم له.