للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[رفع اليدين عند التكبير للركوع]

المجيب د. بندر بن نافع العبدلي

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ١٧/١٢/١٤٢٦هـ

السؤال

ذكر الإمام البخاري في كتاب "رفع اليدين" أثرا عن مجاهد أنه لم ير ابن عمر يرفع يديه إلا في تكبيرة الإحرام.

وورد أن ابن عمر كان يحصب من لم يكن يرفع يديه عند الركوع؟ فأي الأثرين أصح؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فأثر ابن عمر -رضي الله عنهما- ضعيف من وجوه:

الأول: أن في سنده أبا بكر بن عياش، وقد تغيَّر حفظه بأخرة.

الثاني: أنه شاذ؛ فإن مجاهداً خالف أصحاب ابن عمر وهم ثقات حفاظ.

الثالث: أن إمام هذا الشأن يحيى بن معين قال: حديث أبي بكر عن حصين إنما هو توهم منه لا أصل له. كما في "رفع اليدين" للبخاري.

وقال البيهقي في كتاب "المعرفة" (١/٥٥٦) : "حديث أبي بكر بن عياش هذا أخبرناه أبو عبد الله الحافظ.... فذكره بسنده، ثم أسند عن البخاري أنه قال: أبو بكر بن عياش اختلط بأخرة، وقد رواه الربيع والليث وطاوس وسالم ونافع وأبو الزبير ومحارب بن دثار وغيرهم قالوا: رأينا ابن عمر يرفع يديه إذا كبر وإذا رفع. وكان يرويه أبو بكر قديماً عن حصين عن إبراهيم، عن ابن مسعود مرسلاً وموقوفاً أن ابن مسعود كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة ثم لا يرفعهما بعد.

وهذا هو المحفوظ عن أبي بكر بن عياش، والأول خطأ فاحش لمخالفته الثقات من أصحاب ابن عمر.

وقال ابن حجر في الفتح (٢/٢٢٠) : (وأما الحنفية فعولوا على رواية مجاهد أنه -صلى خلف ابن عمر فلم يره يفعل ذلك، وأجيبوا بالطعن في إسناده لأن أبا بكر بن عياش راويه ساء حفظه بأخرة، وعلى تقدير صحته فقد أثبت ذلك سالم ونافع وغيرهما، والعدد الكثير أولى من واحد، لا سيما وهم مثبتون وهو نافٍ مع أن الجمع بين الروايتين ممكن وهو أنه لم يره واجباً، ففعله تارةً وتركه أخرى) .

وبناء عليه فالصواب هو رفع الأيدي في أربعة مواضع في الصلاة، كما ثبت في "الصحيحين" من حديث ابن عمر المحفوظ. وهو قول جمهور العلماء وأئمة الحديث. والله أعلم.

وانظر:

معرفة السنن والآثار للبيهقي (١/٥٥٦) ، وفتح الباري لابن حجر (٢/٢٢٠) . والاستذكار لابن عبد البر (٤/١٢٠-١٠٣) ، والتمهيد له (٣/٢٣٩) ، وتحفة الأحوذي للمباركفوري (٢/١٠٨-١٠٩) ، والبدر المنير لابن الملقن (٣/٥٠٠) ، ونصب الراية للزيلعي (١/٤٠٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>