ثبت لنا باعتراف الجهات المسؤولة في كندا، أن الأعلاف التي تقدم إلى المواشي والدجاج تتضمن مخلفات مسالخ الخنازير، وربما تخلط بها لحوم الخنازير النافقة. فما حكم أكل لحوم هذه المواشي؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهذه المسألة من المسائل التي ابتلي بها عموم الناس في هذا الزمن سواء كانوا في المجتمعات الإسلامية أو غيرها، حيث يعمد القائمون على شركات الدواجن إلى إعلافها بالنجاسات المختلفة، من مخلفات إنتاج الدواجن - كالدجاج الميت، والدم المسفوح - أو مخلفات الخنزير ونحوها، حيث يسحقونها ويخلطونها، ويجعلونها في أكياس تضاف إلى غذاء الدجاج يومياً بنسب معينة، فهذه الدواجن تغذى بالنجاسة، وإن كانت النجاسة في غذائها ليست هي الغالبة، بل هي نسبة يسيرة قد لا تصل إلى (١٠%) في أغلب الأحيان، والذي يظهر والله أعلم أن حكم تناول تلك الحيوانات، وما نتج عنها من بيض، أو ألبان، ومشتقاتها، يختلف حكمه بحسب حجم النجاسة التي أكلتها تلك الحيوانات، وتأثيرها في لحمها، وما نتج عنها؛ فإذا ظهر تأثير تلك النجاسة في لحومها وما ينتج عنها، وذلك بأن ينتن اللحم ويتغيّر، أو يثبت ضرره على آكله، فهو حرام لا يجوز، ويصدق على هذه الحيوانات، ما ثبت في حديث النهي عن الجلاّلة، التي أكثر علفها النجاسة، فقد روى ابن عمر رضي الله عنهما قال:" نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أكل الجلاّلة وألبانها" أخرجه أبو داود (٣٧٨٥) والترمذي (١٨٢٤) وابن ماجة (٣١٨٩) والحاكم (٢٢٤٨) والبيهقي في الكبرى (٩/٣٣٢) ، والحديث حسّنه الترمذي وصححه الألباني في الإرواء. ولأن أكل تلك الدواجن، وما ينتج عنها، ربما أضرّ بالبدن، وأدى إلى المرض أو الهلاك.
أما إذا أكلت تلك الحيوانات من الدواجن وغيرها النجاسات، ولم يظهر تأثير ما أكلته على لحمها وما ينتج منها، ولم يثبت ضررها على صحة الإنسان فالظاهر أن حكم أكلها وما نتج عنها هو الجواز؛ لأن تلك الحيوانات لا يصدق عليها وصف الجلاّلة المذكور في الحديث، لأن التغيّر والنتن لم يظهر في لحومها وما ينتج منها، وإن كان الأولى هو اجتناب تلك الحيوانات، والبحث عن أطعمة حيوانية لم تطعم النجاسات ما أمكن ذلك.
وإني في هذا المقام أوصي القائمين على شركات الدواجن بمحاولة تقليل نسبة النجاسات المعلفة للحيوانات إلى أقل حدٍ ممكن، أو محاولة إعادة تصنيع تلك النجاسات، بحيث تتحول من حكم النجاسة إلى الطهارة، وذلك بأن يتغير طعم النجاسة ولونها وريحها ولا يظهر لها أثر إطلاقاً. والله أعلم.