كيف نجمع بين حديث:"يضحك الله إلى رجلين يتقاتلان ... " إلى آخر الحديث، وبين حديث:"إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار...."؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد:
حديث:"يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ يَدْخُلَانِ الْجَنَّةَ، يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ فَيُسْتَشْهَدُ". أخرجه البخاري (٢٨٢٦) ، ومسلم (١٨٩٠) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. وحديث:"إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّار"،ِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَال:"إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ". أخرجه البخاري (٣١) ، ومسلم (٢٨٨٨) من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.
وليس بين الحديثين تعارض، فالحديث الأول معناه أن رجلين أحدهما كافر والآخر مسلم، فيقتل الكافر المسلم، ثم يمن الله على الكافر فيسلم، والإسلام يهدم ما كان قبله.
وأما الحديث الآخر فهو من أحاديث الوعيد، فإن الملتقيين بسيفيهما قد توعدا بالنار، وهما تحت المشيئة إن شاء الله غفر لهما، وإن شاء عذبهما؛ لعموم قوله عز وجل:(إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ)[النساء:٤٨] ، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة في مرتكب الكبيرة، وقد سماهم الله مسلمين مع توعدهما بالنار، وهذا مثل قوله عز وجل:(وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا)[الحجرات:٩] ، فسماهم الله مؤمنين مع وجود القتال بينهم، فالحاصل أن القتل من كبائر الذنوب، وهذا إذا لم يكن بتأويل سائغ، والله أعلم.