للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفرار من مرض الالتهاب الرئوي]

المجيب هاني بن عبد الله الجبير

قاضي بمحكمة مكة المكرمة

التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية

التاريخ ٢٤/٢/١٤٢٤هـ

السؤال

انتشر عندنا في شرق آسيا مرض الالتهاب الرئوي، وهذا المرض قاتل، وينتشر انتشاراً سريعاً عن طريق التنفس، وحتى الآن توجد ٢٠٠٠ حالة إصابة، منهم ٨٠ توفوا بهذا المرض، فهل يجوز الفرار خوفاً من العدوى؟ وهل نشبهه بالطاعون؟ وفي الحديث كما تعلمون قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-:"إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه"؛ يعني الطاعون، فهل منع الفرار في الحديث لعدم نقل العدوى لمنطقة أخرى، أو هو لعدم الفرار من قدر الله؟ وجزاكم الله خيراً.

الجواب

الحمد لله وحده، وبعد:

فقد روى أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"إذا سمعتم بالطاعون في أرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها" صحيح البخاري (٥٧٢٨) ، صحيح مسلم (٢٢١٨) .

والمراد بالطاعون كل مرض عام أو وباء ينتشر في جهة من الأرض، فيشمل المرض المسؤول عنه والفرار منه منهي عنه، وفي بعض روايات الحديث:"فلا تخرجوا منها فراراً"، وأخرج أحمد (١٤٤٧٨) ، والألباني في الصحيحة (١٢٩٢) عن عائشة -رضي الله عنها- بسند حسن مرفوعاً:"الفار من الطاعون كالفار من الزحف"، وروى البخاري (٥٧٣٤) عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"ليس عبد يقع الطاعون فيمكث في بلده صابراً يعلم أنه لن يصيبه إلا ما كتبه الله له، إلا كان له مثل أجر الشهيد".

وقد التمس العلماء عللاً لهذا النهي ذكر جملة منها الحافظ ابن حجر في فتح الباري (١٠/٢٠٠) ، منها: ضياع مصلحة المريض لفقد من يتعاهده حياً وميتاً، وإدخال الرعب في قلوب الناس خاصة من لم يفر، ونقل المرض إلى بقاع أخرى، وهذا الأخير له حظ كبير من النظر، وهو ما ذكره ابن القيم في زاد المعاد (٤/٤٣) ، وأما الخروج من أرض الطاعون لغير الفرار بل لعارض كتجارة وعمل معتادين فلا بأس به إذا كان سليماً من المرض وأمن أن ينقل العدوى بحمله للمرض.

وليستغل كل مسلم إقامته في بلد الوباء بحمل النفس على الثقة بالله والتوكل عليه والصبر على قضائه والرضا به، وتذكر الأجر فيه، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"الطاعون شهادة لكل مسلم" صحيح البخاري (٥٧٣٢) ، صحيح مسلم (١٩٦١) ، والله الموفق.

<<  <  ج: ص:  >  >>