للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخمر إذا خُلط بغيره!

المجيب وليد بن علي الحسين

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٠٧/٠٣/١٤٢٧هـ

السؤال

يقول الأصوليون: "الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً". ونعلم أن الخمر حرِّمت بعلة الإسكار، ونقيس عليه كل الكحول والمأكولات والمشروبات والمحقونات والمشمومات التي تشارك الخمر في الإسكار.

فهل إذا خُلطت الخمر الحرام بالماء، وفقدت خاصية الإسكار تصير حلالاً؟

الجواب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

فإن الحكم المعلل بعلة يدور مع علته وجوداً وعدماً، فإذا وجدت العلة وجد الحكم، وإذا انتفت العلة انتفى الحكم، فهذا معنى قول الأصوليين: "الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً". إذ لا معنى للعلة إلا ثبوت الحكم عند وجودها وانتفاؤه بانتفائها ما لم يكن هناك معارض، وإلا لما كانت علة، والخمر إنما حُرِّم لكونه مسكراً، فإذا زال وصف الإسكار عنه كأن يتحول -مثلاً- إلى خلٍ، فإنه يكون مباحاً شربه واستعماله لزوال الوصف المؤثر في الحكم بارتفاع خاصية الإسكار عنه، فإن عادت إليه خاصية الإسكار صار محرماً، وهذا في جميع الأحكام الشرعية المعللة، فإذا ارتفعت علة الحكم ارتفع الحكم، كنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث، فقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- علة النهي بقوله: "إنما نهيتكم من أجل الدافَّة التي دَفَّت". انظر صحيح البخاري (٥٥٧٠) ، وصحيح مسلم (١٩٧١) . فإذا وجدت العلة في عصر أو زمن ما فإنه يُنهى عن الإدخار فوق ثلاث، وإلا صار الإدخار فوق الثلاث مباحاً، وكالنهي عن لباس لكونه لباس تشبه بالكفار، فإذا ارتفعت خاصية التشبه عنه وصار من الألبسة المعتادة عند المسلمين يكون لبسه مباحاً.

والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>