عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
التاريخ ٩/١/١٤٢٣
السؤال
كيف هو الحب بين الزوجين في الإسلام وما هي صفته؟ وهل من ذلك أن يحقق الزوج الطلبات الكمالية؟ وهل من معناه أن تهب عينيك عند الطلب إذا احتاج الأمر كتعبير عن حقيقة المحبة؟
الجواب
الحمد لله وبعد، فإن الحب بين الزوجين في الإسلام مطلب مقصود للشارع الحكيم، إذ به تقوى أواصر المودة والتلاحم بين الزوجين، وهي ضرورية لقيام كيان الأسرة واستقرارها وعمل أساسي في بقاء وديمومة الحياة الماتعة الفاعلة لبيت الزوجية، كما هي بالغة الأثر في صياغة شخصية الأبناء والذرية ومدى صلاحهم الديني والاجتماعي والنفسي، والأصل في كل هذا قوله -تعالى-:" ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ... " الآية [الروم:٢١] وكان -عليه السلام- يحب نسائه ويبادلنه الحب، ففي الصحيح من حديث عائشة -رضي الله عنها- قوله -عليه السلام- لابنته فاطمة -رضي الله عنها- "أي بنية ألست تحبين ما أحب"؟ فقالت: بلى قال:" فأحبي هذه" يعني عائشة -رضي الله عنها- والحديث رواه البخاري (٢٥٨١) ومسلم (٢٤٤٢) ، وفي الصحيح كذلك من حديث عمرو بن العاص -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه على جيش ذات السلاسل قال: فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال "عائشة ... " الحديث رواه البخاري (٣٦٦٢) ومسلم (٢٣٨٤) ، وروى مسلم (٢٤٣٥) من حديث عائشة - رضي الله عنها - ما غرت على نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا على خديجة، وإني لم أدركها، قالت: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ذبح شاة يقول: أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة، قالت: فأغضبته يوماً فقلت: خديجة؟ فقال: إني قد رزقت حُبها" والمقصود أن الحب القائم على اللطف والشفقة والمودة والرحمة بين الزوجين مطلب محمود، وغرض مقصود -كما تقدم- إلا أن من المهم جداً في هذه القضية أن يكون الحب المتبادل بين الزوجين تابعاً لحب الله -تعالى- وحب رسوله -عليه السلام- بمعنى أن تُقَّدم محاب الله ومحاب رسوله على محاب الزوج، وأن يظل هذا الأخير في حدود السائغ المشروع، وألا يتجاوز النطاق المأذون به شرعاً خشية أن يتحول الحب إلى عامل هدم يقوض بناء الأسرة ويجعلها في مهب الريح، ولا عجب فبقاء الأسرة وسعادة الزوجين مرهون بمدى التزامهما بأمر الله وسنة رسوله الكريم -عليه السلام- ألا إن من علامات صدق الحب بين الزوجين أن يحرص كل واحد منهما على ما ينفع الآخر في دينه ودنياه، فيتبادلان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، وأن يُبصّر كلُّ واحد منها الآخر بعيوبه بالكلمة الطيبة، والقول الجميل، وفي قالب من التقدير والاحترام والرفق والتبجيل.