[بين دعاء المسألة ودعاء الثناء]
المجيب محمد بن إبراهيم الحمد
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/مسائل متفرقة
التاريخ ٢/٣/١٤٢٥هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: ما هو الفرق بين دعاء المسألة ودعاء الثناء؟ وما تعريف كلاً منهما؟ -وجزاكم الله خيراً-.
الجواب
الحمد الله، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ وبعد:
فإن هناك نوعين من أنواع الدعاء هما؛ دعاء المسألة، ودعاء العبادة، ولعل السائل يريد بدعاء الثناء دعاء العبادة؛ فكل دعاء ورد في الكتاب والسنة فإنه يتناول نوعين اثنين، ويندرج تحتهما، وهذان النوعان هما:
١-دعاء المسألة. ٢-دعاء العبادة.
قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله - في كتابه القواعد الحسان لتفسير القرآن (ص١٥٤-١٥٥) :
(كل ما ورد في القرآن من الأمر بالدعاء، والنهي عن دعاء غير الله، والثناء على الداعين - يتناول دعاء المسألة، ودعاء العبادة.
وهذه قاعدة نافعة؛ فإن أكثر الناس إنما يتبادر لهم من لفظ الدعاء والدعوة -دعاء المسألة فقط، ولايظنون دخول جميع العبادات في الدعاء.
وهذا خطأ جرهم إلى ما هو شر منه؛ فإن الآيات صريحة في شموله لدعاء المسألة، ودعاء العبادة) أ. هـ.
تعريف دعاء المسألة: هو أن يطلب الداعي ما ينفعه، وما يكشف ضره.
أو هو ما تضمن مسألة، أو طلباً، كأن يقول الداعي: أعطني، أكرمني، وهكذا ...
وهذا النوع على ثلاثة أضرب:
١-سؤال الله دعائه: كمن يقول: اللهم ارحمني واغفرلي، فهذا من العبادة لله.
٢- سؤال غير الله فيما لا يقدر عليه المسؤول: كأن يطلب من ميت أو غائب؛ أن يطعمه، أو ينصره، أو يغيثه، أو يشفي مرضه، فهذا شرك أكبر.
٣- سؤال غير الله فيما يقدر عليه المسؤول: كأن يطلب من حي قادر حاضر أن يطعمه، أو يعينه فهذا جائز.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله - (وقد مضت السنة أن الحي يطلب منه الدعاء كما يطلب منه سائر ما يقدر عليه. وأما المخلوق الغائب والميت فلا يطلب منه شيء) . [انظر كتاب قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة
لابن تيمية، تحقيق عبد القادر الأرناؤوط: ص١٦٥] .
وقال ابن سعدي في (القواعد الحسان ص١٥٥) : (ومن هذا قوله سبحانه في قصة موسى عليه السلام:"فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه" [القصص:١٥] أ. هـ.
تعريف دعاء العبادة: أما دعاء العبادة فهو شامل لجميع القربات الظاهرة والباطنة؛ لأن المتعبد لله طالب بلسان مقاله ولسان حاله ربَّه قبول تلك العبادة، والإثابة عليها؛ فهو العبادة بمعناها الشامل، ومن أعظم ما يدخل فيها ذكر الله، وحمده، والثناء عليه-عز وجل- بما هو أهله.
ولهذا (لو سألت أي عابد مؤمن: ما قَصدُك بصلاتك، وصيامك، وحجك، وأدائك لحقوق الله وحق الخلق؟
-لكان قلب المؤمن ناطقاً قبل أن يجيبك لسانه: بأن قصدي من ذلك رضى ربي، ونيل ثوابه، والسلامة من عقابه؛ ولهذا كانت النية شرطاً لصحة الأعمال وقبولها وإثمارها الثمرة الطيبة في الدنيا والآخرة) . (انظر القواعد الحسان: ص١٥٥) .
ولهذا فصرف دعاء العبادة لغير الله يعد شركاً أكبر؛ لأن من يدعو غير الله إنما يتقرب إليه حتى يجيب دعاءه، ويثيبه على فعله.