أحد أبنائي يبلغ من العمر ١٢سنة تقريباً، وهو كفيف، فهل يجب علي إلزامه في أداء الصلاة في المسجد بصفة مستمرة؟ حيث إنه يعاني من مضايقة بعض الأطفال له، كذلك وجود مياه في الطريق، منها نجس، ومنها مياه الأمطار، فمثل هذا الطفل هل يجوز لي أن أجعله يجمع بين الصلاتين إذا كان معي خارج المدينة في نزهة؛ وذلك للمشقة عليه وعلينا في عملية الطهارة والوضوء، أحياناً لا يستطيع الوضوء جيداً مثل غسل الوجه، والاستنشاق، ويبقى على قدميه أثر عدم وصول الماء إليهما، أحياناً أنبهه، وأحياناً أتركه، حيث يصل بي الأمر إلى تأنيبه وتوبيخه؛ لعدم تمكنه من إتمام الوضوء، فأتركه كي أتجنب تأنيبه؛ حتى لا يتأثر نفسيا.
الجواب
جاء من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مروا أولاكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع" رواه أحمد (٦٧٥٦) ، وأبو داود (٤٩٥) ، والحاكم (٧٣٤) ، وغيرهم، والأمر للوجوب على الراجح من أقوال الأصوليين، وهو لفظ عام للبصير والأعمى، إذ القاعدة بين علماء الأصول يجب العمل بالعموم حتى يرد المخصص، ولا مخصص هنا، بل إن الوارد في الشرع عموم الحكم للأعمى أيضاً؛ لحديث ابن أم مكتوم - رضي الله عنه- وهو رجل أعمى يقول:"جئت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله: كنت ضريراً شاسع الدار، ولي قائد لا يلائمني، فهل تجد لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: أتسمع النداء؟ قلت: نعم، قال: ما أجد لك رخصة" رواه أحمد (١٥٤٩٠) ، والنسائي (٨٥١) ، وغيرهما، فهذا أعمى بعيد الدار عن المسجد، ليس له قائد يناسبه، ومع ذلك لم يفرق النبي - صلى الله عليه وسلم- بينه وبين البصير، وعليه فالواجب عليك معاونته في الوضوء، وتحمله، وحسن توجيهه إلى صحة العبادة، والطهارة، والتلطف في تعليمه، ومراعاة حاله، وأمره بالصلاة جماعة إذا وجد قائد يقوده إلى المسجد، أو كان له قدرة إلى الوصول إليه بنفسه من غير خطر عليه من دهس، أو حصول ضرر عليه، كما يجب عليك أن تأمره أن يصلي الصلاة في وقتها، فلا يؤخرها عن وقتها.
وأما الجمع فلا يجوز إلا أن يكون مريضاً يشق عليه، فيجوز له الجمع حال مرضه فحسب، أو يكون مسافراً، أو ثمة سبب شرعي يبيح الجمع، وأما خارج المدينة فإن كان خروجك لمكان يعد سفراً جاز لكما الجمع، وإلا وجب عليكما الصلاة في أوقاتها المحددة شرعاً، واعلم يا أخي أن تربية الأولاد تربية شرعية لا تخلو من مشقة، ومجاهدة، وقد أمر الله نبيه بالاصطبار عليها في قوله -تعالى-: "وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها"[طه:١٣٢] ، بل وأثنى الله بها على أحد أنبيائه ورسله، وهو إسماعيل - عليه السلام- بما يقوم به على أهله من الأمر بالعبادة، والخير، كما في قوله -تعالى- في معرض الثناء عليه:"وكان يأمر أهله بالصلاة"[مريم:٥٥] . والله أعلم.