للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الطلاق الثلاث بلفظ واحد]

المجيب د. نايف بن أحمد الحمد

القاضي بمحكمة رماح

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ١٧/١١/١٤٢٦هـ

السؤال

منذ حوالي سنة طلّق رجل زوجته، وقبل شهر منَّ الله عليهم وعادت المياه إلى مجاريها، ولكن الزوج لم يتذكر هل طلقها طلقة واحدة أو ثلاثًا؟ مع أنه في نيته كان يقصد ثلاث تطليقات، وفي الوقت الحالي هم يعيشون معا بعد قراءة الفاتحة حسب الشرع. نرجو الإفادة. وجزاكم الله خيراً.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فالجواب عن هذه المسألة من وجهين:

الأول: هل يقع ما زاد على واحدة حال الشك؟ فقد ذهب جمهور العلماء -الحنفية والشافعية والحنابلة- إلى أنه عند الشك هل طلق واحدة أو ثلاثاً، أنه يبني على الأقل؛ لأحاديث كثيرة واردة في البناء على الأقل في جملة من العبادات، منها حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أم أربعاً فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم" رواه مسلم (٥٧١) ، ولأن الأصل عدم وقوع ما زاد على الواحدة واليقين لا يزال إلا بيقين.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "والجمهور يقولون: النكاح متيقن والقاطع له المزيل لحل الفرج مشكوك فيه، فإنه يحتمل أن يكون المأتي به رجعياً فلا يزيل النكاح، ويحتمل أن يكون بائناً فيزيله فقد تيقنا يقين النكاح وشككنا فيما يزيله، فالأصل بقاء النكاح حتى يتيقن بما يرفعه" ا. هـ إغاثة اللهفان (١/١٦٤) .

وقال رحمه الله تعالى: "وقول الجمهور في هذه المسألة أصح فإن النكاح متيقن فلا يزول بالشك، ولم يعارض يقين النكاح إلا شك محض فلا يزول به" ا. هـ إعلام الموقعين (١/٣٤٠) ، وانظر بدائع الصنائع (٣/١٢٦) ، والمغني (٧/٣٧٩) ، والإنصاف (٩/١٣٩) ، وكشاف القناع (٥/٣٣٢) .

الثاني: لو طلق ثلاثاً في مجلس واحد هل يقع ثلاثاً أو واحدةً؟

للعلماء في ذلك قولان معروفان، وجمهور العلماء على وقوعه ثلاثاً، وذهب بعض العلماء -كابن عباس وعكرمة وطاووس-ونصره ابن تيمية وابن القيم وشيخنا العلامة ابن عثيمين وغيرهم- إلى أنه لا يقع إلا واحدة؛ لما رواه مسلم في صحيحه (١٤٧٢) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: كان الطلاق على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم.

ولغيره من الأدلة التي بسطها شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم -رحمهما الله تعالى- في مواضع كثيرة من كتبهم. (انظر: زاد المعاد ٥/٢٤١-٢٧١) .

وقد ذكرت السائلة أن الرجل راجع مطلقته بعد مضي حوالي أحد عشر شهراً، فإن كانت قد خرجت من العدة فلابد من عقد جديد كالعقد الأول مستوفي الشروط والأركان، ولا يكتفي بقراءة الفاتحة فقط، بل لا أعلم أصلاً لقراءة الفاتحة عند عقد النكاح أو الرجعة، وقراءتها هنا من البدع التي ينبغي تركها؛ لعدم ورود ذلك عنه -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أحد أصحابه -رضي الله عنهم-.

والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>