للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[بناء المقابر]

المجيب د. محمد بن علي السماحي

أستاذ العقيدة بكلية أصول الدين بجامعة القاهرة

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٠٤/٠١/١٤٢٦هـ

السؤال

يوجد لدينا مقابر مبنية على أرض طينية، وهي عبارة عن حجرات صغيرة على وجه الأرض مبنية بالطوب والإسمنت بارتفاع متر ونصف تقريباً، ولها فتحة صغيرة تغلق بباب حديد لإدخال الميت، وبهذه الكيفية يكون دفن الميت داخل هذه المقابر في مستوى سطح الأرض، ويوجد مقابر أخرى مبنية على أرض رملية، هي عبارة عن شق تحت سطح الأرض، يدفن فيه الميت، ويغطى أعلى المدفن بالحجارة ثم الرمال، وتحاط هذه المساحة من أعلى بسور من الطوب، وله باب حديدي لكي يعرف أنه مدفن. برجاء التكرم والإفادة بشرعية هذه المقابر للدفن، حيث إنها هي المتوفرة لدينا، وأي من النوعين السابقين هي الأفضل. وجزاكم الله خيراً.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد

فقد جاء الشرع الشريف بآداب عامة وآداب خاصة لكل شأن من شئون المسلم في الدنيا والآخرة، ومن ذلك ما يتعلق بالمقابر وهي مثوى المرء، وهو ـ أي القبر أول منازل الآخرة ـ كما هو معلوم ـ فمن السنة في بناء المقابر أن يرفع القبر عن الأرض قدر شبر ليعرف أنه قبر، ويحرم رفعه زيادة على ذلك لما رواه مسلم (٩٦٨) ، وغيره عن عَمْرُو بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ ثُمَامَةَ بْنَ شُفَيٍّ حَدَّثَهُ قَالَ كُنَّا مَعَ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ بِأَرْضِ الرُّومِ بِرُودِسَ فَتُوُفِّيَ صَاحِبٌ لَنَا فَأَمَرَ فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ بِقَبْرِهِ فَسُوِّيَ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ بِتَسْوِيَتِهَا"، وروي مسلم (٩٦٩) عَنْ أَبِي الْهَيَّاجِ الْأَسَدِيِّ قَالَ قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَلَا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا تَدَعَ تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْتَهُ وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيْتَهُ. قال الترمذي (١٠٤٩) : (والعمل على هذا عند أهل العلم. يكرهون أن يرفع القبر فوق الأرض إلا بقدر ما يعرف أنه قبر، لكيلا يوطأ ولا يجلس عليه) . وقد كان الولاة يهدمون ما بني في المقابر ـ مما زاد على المشروع ـ عملا بالسنة الصحيحة. قال الشافعي: وأحب ألا يزاد في القبر تراب من غيره، وإنما أحب أن يشخص على وجه الأرض شبرا أو نحوه، وأحب أن لا يبنى ولا يجصص، فإن ذلك يشبه الزينة والخيلاء. وليس الموت موضع واحد منها، ولم أر قبور المهاجرين والأنصار مجصصة. وقد رأيت من الولاة من يهدم ما بني في المقابر، ولم أر الفقهاء يعيبون عليه ذلك.

قال الشوكاني: والظاهر أن رفع القبور زيادة على القدر المأذون فيه محرم، وقد صرح بذلك أصحاب أحمد وجماعة من أصحاب الشافعي ومالك، والقول بأنه غير محظور لوقوعه من السلف والخلف بلا نكير.

أما الأبواب الحديدية وغيرها مما يصون القبور من الامتهان والسرقة وغيرها فلا بأس به إذ حرمة الميت كحرمة الحي.. والله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>