[التبني والجالية المسلمة في بريطانيا]
المجيب سليمان بن عبد الله القصير
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته
التاريخ ٠٧/٠٨/١٤٢٥هـ
السؤال
السلام عليكم.
تواجه جاليتنا الإسلامية في بريطانيا مشكلة بخصوص التبني، حيث تقوم بعض الهيئات غير الإسلامية بإحضار أطفال مسلمين للتبني من ذكور وإناث، ويعرضون على جاليتنا تبني هؤلاء الأطفال، لكن الجالية محتارة، كيف تواجه مشكلة المحرمية، حيث سينشأ الطفل عند العائلة المسلمة مع أطفالهم، وعندما يبلغ الطفل يكون بين أفراد عائلة غير محارم له أو لها إن كانت أنثى، وفي نفس الوقت يحرص المسلمون على مساعدة هؤلاء الأطفال لكي يحفظوا لهم دينهم، ولكن في نفس الوقت يريدون أن يحفظوا أهاليهم من المشقة القائمة عندما يسكن بينهم غير محرم لهم. كيف تنصحوننا بمواجهة هذا الأمر؟ علمًا بأن الجالية المسلمة لم تطلب أصلاً إحضار هؤلاء الأطفال، وإذا لم يتبناهم المسلمون فسوف يتبناهم الكفار.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، أما بعد، وبالله التوفيق:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الواجب على كل مسلم أن يقوم بحق الأخوة الدينية تجاه إخوانه المسلمين، والأدلة على هذا كثيرة ولا تخفى عليكم، ومن أهم ما يجب على المسلم تجاه إخوانه المسلمين أن يقوم بالمحافظة على صغارهم مما يضرهم في دينهم أو دنياهم، وهذا الأمر متأكد الوجوب؛ فلا يمكن أن يقال إنه يسع أحدًا من المسلمين أن يترك الأيتام ونحوهم من اللقطاء من المسلمين لغيرهم من أهل الأديان الأخرى بأية حجة وهو يقدر على القيام برعايتهم.
ولو قُدِّر أن مشكلة المحرمية لا يمكن علاجها فإن الواجب رعاية هؤلاء الأطفال وحفظهم حتى يبلغوا الحلم، فإنه لا يُتْمَ بعد احتلام. وإذا بلغوا وأصبحوا كبارًا سقط الوجوب عليكم، إذا كانوا ممن يستطيع تصريف أموره بعد البلوغ واستغنى عن معونتكم.
وأما المشكلة المذكورة، وهي المحرمية، فهذه ليست مما يسوغ أبدًا أن يترك هؤلاء الأطفال ليعتني بهم غير المسلمين.
علمًا أن الإسلام لا يحرِّم أن يقيم رجل أو امرأة غير محرم لأهل البيت في بيتهم للحاجة، وإنما المحرَّم الخلوة، أما إذا كان لا يحصل خلوة، وقد أمنت الفتنة فلا حرج، وهذا الأمر معروف في زمن النبي صلى الله عليه وسلم حيث آخى بين المهاجرين والأنصار، فكان المهاجرون يقيمون في بيوت الأنصار وهم ليسوا من محارمهم للحاجة. ولما طُلقت فاطمة بنت قيس رضي الله عنها اشتكت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم وأنه لا أقارب لها في المدينة؛ فأمرها أن تجلس عند ابن أم مكتوم، وقال: " اعْتَدِّي عِنْدَ ابنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فإنَّهُ رجلٌ أعمَى، فإذا وضَعتِ ثيابَك فلا يَراكِ ". أخرجه مسلم (١٤٨٠) . مع أن ابن أم مكتوم ليس محرمًا لها.
ويمكن تلافي مشكلة المحرمية بعد البلوغ بأن يجعل بيت للذكور وبيت للإناث تحت إشراف الجمعيات الإسلامية عندكم - إذا كانت الأنظمة الحكومية تسمح بهذا- ويجعل هذا البيت تحت إشراف ثقات، ويكملوا عملية التربية، ولا يترك هؤلاء الشباب فرصة لمن يجرهم لما يضرهم في دينهم ودنياهم.
وهناك مخرج شرعي آخر لذلك قد يتيسر في بعض الأحوال، وهو الإرضاع في الحولين فإذا أرضعت المرأة هذا الطفل المراد رعايته صار ابنا لها من الرضاعة، وأخًا لبناتها وزالت مشكلة المحرمية. والله أعلم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.