[شيء عن الرهاب الاجتماعي]
المجيب د. محمد بن عبد الخالق شحاته
استشاري الأمراض النفسية بالقصر العيني بمصر.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب
التاريخ ٠١/١١/١٤٢٥هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
أعاني - عندما أقابل بعض الأشخاص - من رعشة قوية تصيبني، علماً أنهم أشخاص عاديون، حيث إنني لكثرة هذه الرعشة لا أستطيع أن أمسك كوباً أو كأساً لأقدمه لهذا الشخص؛ لكثرة هذه الرعشة في يدي بالذات، صدقوني أجد ألماً وحرجاً في نفسي من ذلك، وأطلب من الله ثم منكم مساعدتي. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله الهادي إلى سبيل الهدى، والصلاة والسلام على نبيه المجتبى وآله وصحبه وسلم، وبعد:
فما تعانيه أخي الكريم، يسمى (الرهاب الاجتماعي) أو (الفوبيا الاجتماعية) ، وهي نوع من الخجل السلبي الزائد عن الحد، وله أسباب كثيرة يعود معظمها إلى فترة الطفولة والتعود، ويظهر الرهاب الاجتماعي عندما يقوم المرء بالحديث أو عمل شيء في مجموعة من الناس، مثل المناسبات أو قاعات الدرس، أو التقدم للإمامة في الصلاة، أو نحو ذلك- من المواقف التي يشعر فيها المرء أنه تحت المجهر أو في دائرة الضوء وكأن الكل ينظر إليه. ما يحدث في مثل هذه الأحوال أنه يخاف أن يظهر عليه الخجل أو الخوف أو أن يخطئ أو يتلعثم، وذلك ما يؤدي به للارتجاف، والخفقان، وضيق التنفس، وجفاف الحلق والتعرق، وهو ما شكوت منه ـ أخي السائل ـ.
لكنها مشكلة لها حل وعلاج، وبالاستمرار والمحاولة واتباع خطوات العلاج يتحقق الشفاء منها والتغلب عليها ـ بإذن الله تعالى ـ وعليك قبل الانتظام في خطوات العلاج أن توقن بالآتي:
١.أن الناس سواسية كأسنان المشط، ولا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى.. كما في الحديث الصحيح.
٢.ثق بأنك تحمل مميزات ربما لا تكون فيمن ترتجف عند لقائهم.
٣.أنك ستكون أول من يلقي السلام على من تقابل وبصوت واضح مسموع.
٤.أنك قادر على الإمساك بأول أطراف الحديث.
كذلك لا غنى في العلاج عن جلسات العلاج النفسي التي تعتمد على الاسترخاء والمواجهة المتدرجة، وتأكيد الذات، وبناء الثقة بالنفس، ويدعى ذلك العلاج السلوكي المعرفي.
وهناك خطوات لعلاج هذا العرض تتمثل في الآتي:
إذا كنت تعاني خوفاً كهذا, اطمئن. ثمة تمارين سهلة ترفع معنوياتك وتزيد ثقتك بنفسك. جربها يومياً طوال شهر أو أقل تحصل على نتيجة طيبة.
أبرز هذه التمارين:
١- اقتن دفتراً صغيراً للملاحظات، واجعله دوماً معك متى اعتراك خوفُ لدى الكلام، سجل ما يحدث لك, صف انفعالاتك, والأفكار التي ساورتك قبلها وخلالها وبعدها. وهذه الرقابة الذاتية أولى الخطوات التي قد تنأى بك عن دائرة القلق.
٢- واجه الموقف بدلاً من الهروب. تعوّد إجراء محادثة مع غرباء، وادخل في نقاش يدور بين أشخاص لا تعرفهم. هذه طريقة تضبط خجلك وتحثك على الكلام بلا رهبة وخوف.
٣- اجعل صوتك على وتيرة معينة هذا يُتيح لك التعبير بوضوح عما تفكر فيه, ويسمح تالياً للآخرين بفهمك جيداً. كرر ما تريد قوله أمام أصدقاء مقربين إليك. أو سجله على شريط، متحدثاً بصوت يعلو رويداً رويداً. ثم تنفّس عميقاً في نهاية كل جملة. كلما هدّأت إيقاع تنفسك شعرت بالهدوء أكثر فأكثر, وتبددت علامات القلق من ملامح وجهك وتصرفاتك.
٤- انظر مباشرة إلى عيني مُحدثك. تفاد تجوال نظرك على المستمعين إليك. ركِّز على الرسالة التي تريد قولها، ولا تدع تفكيرك عرضة للتشتت، في أثناء الاجتماع اجلس قرب شخص ترتاح إليه.
قم بهذه التمارين جيداً، ومع الأيام ستأخذ دورك ودور غيرك في الكلام، وستتكون داخلك رغبة في مقاومة ما تعاني.. والله المستعان.