أريد النصيحة في أمر شخصي، وهو أنني أعاني من اهتمامي الزائد في عيوب شكلي والمبالغة في ذلك، وأقول مبالغة لأني أعرف أنها كذلك، لكني لا أستطيع أن أخفف منها مثلا بشرتي غير صافية، فأصبح الموضوع يؤرقني؛ لأني أعلم أنه من المفروض أن أرضى بما قسم الله لي، ولكني ما راسلتكم إلا لكي أستطيع تجاوز الأمر؛ لأنه وبلا أدنى مبالغة كدَّر صفو حياتي، وقلّل ثقتي بنفسي، وسيطر على تفكيري، وأصبحت أراقب أشكال الناس وأقارنها بي، مع أن هذا لم يكن في السابق، بل كنت أرى نفسي جميلة، ما الطريق إلى التخلص من هذا التفكير المتعب؟ وجزاكم الله ألف خير.
الجواب
الأخت الفاضلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إن رضا الناس عن أشكالهم يرتبط ارتباطاً وثيقاً بنظرتهم عن أنفسهم أكثر مما يرتبط بحقيقة أشكالهم جمالاً وقبحاً، هذه النظرة ترتبط من ناحيتها باستقرار الشخص نفسياً وانفعالياً، ولذا نجد من الشباب والشابات في فترة المراهقة يقضون أوقاتاً أمام المرآة، ويشغل تفكيرهم بعض العيوب والنواقص الشكلية التي تدفعهم أحياناً للعزلة الاجتماعية، وهذا راجع في الأصل إلى فترة تشكيل الشخصية والذات التي يرضى عنها الشخص نفسه، أو لا يرضى، كما أن النظرة ترتبط بالإنسان نفسه، فكلما كان واثقاً كان أكثر رضا، وأقل اهتماماً بالشكليات، وأكثر انتباها للإنتاج والأداء، وترتبط هذه النظرة كذلك باستقرار الشخصية ونضجها، كما ترتبط بالمزاج العام، فكلما كان الإنسان سعيداً كلما كان أكثر رضا، وبالتالي أكثر تقبلاً لشكله، بغض النظر عن جماله وقبحه، وأنت الآن - يا عزيزتي- في عمر قد تجاوزت فيه فترة المراهقة بكل تداعياتها؛ ولذا أقترح عليك ما يلي:
١) إن كان هناك بعض العيوب التي يتفق على وجودها، وتحتاجين استشارة مختصة في الجلدية فافعلي ذلك، وأنصحك بالذهاب إلى شخص مؤتمن يقدر العيب بقدره، ولا يتجاوز إلى عمليات تجميل تجارية لا نهاية لها.
٢) ثم انظري إلى مزاجك، هل أنت سعيدة في غالب الوقت وليس بالضرورة دائماً أم لا؟ وهل هذا المزاج المتعكر (في حال وجوده) مرتبط بأمور يمكن حلها أم لا؟.
٣) وأخيراً انظري لنفسك وليس إلى شكلك، واهتمي بالأمور الكبيرة، لماذا خلقت؟ وجدي في العبادة، وما هو دورك لتحسين حالك؟ فجدي في الدراسة أو طوري عملك وشهاداتك، وما الدور الذي ينتظرك لهذا المجتمع وهذه الأمة؟ وقتها لن تجدي وقتاً للتفكير، هل بشرتي صافة أم لا؟ فالقضية أكبر من ذلك. والله الموفق.