أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات
التاريخ ١٩/٥/١٤٢٥هـ
السؤال
نحن خمسة إخوة متزوجون، كان والدنا -رحمه الله- قد أعطى في حياته لثلاثة منا مصاريف للعلاج، وكان يعطي لبعضنا مصاريف أخرى بسبب ظروفهم المادية السيئة، ولم يعترض أحد في هذا الأمر, وهذه المبالغ غير متساوية، كل واحد أخذ من الثلاثة حسب حاجته للعلاج، الخ، أما الباقي الاثنين فقالا لوالدنا: إنك أعطيت للثلاثة فماذا عنا الاثنين؟ فكان يقول: حاضر سأعطيكما، ومرت السنين ولكنه لم يعطهما، وعندما أصبح عاطلاً عن العمل، قال له الاثنين: الآن أنت محتاج للمبلغ عندما نحتاج سنأخذ منك, الآن وقد توفي والدنا، وتم احتساب الميراث حسب القسمة الشرعية، والسؤال هو: هل يجب علينا أن نخرج من الميراث ونعطي الاثنين الباقين؟ وإذا رفض أحد الإخوة أن نعطي للاثنين، فهل هذا سيكون ديناً على والدنا؟ وجزاكم الله ألف خير.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
فالجواب: أنه مما لا شك فيه وجوب عدل الوالد في عطيته لأولاده؛ لما جاء في الصحيحين البخاري (٢٥٨٧) ، ومسلم (١٦٢٣) في قصة النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- حينما نحله أبوه غلاماً دون سائر إخوته، قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ قال: لا، قال - صلى الله عليه وسلم: "فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم".
لكن ما دام أن والدكم - رحمه الله - خص بعضكم لسبب شرعي؛ كما جاء في السؤال حيث أعطى البعض مصاريف للعلاج، وأعطى أيضاً بعضاً آخر لظروفهم المادية، ولم يعط الباقين لعدم حاجتهم إلى ذلك، فإن هذا جائز في قول كثير من أهل العلم، فهو قول لأبي حنيفة، ومذهب الشافعي، ورواية عن أحمد، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، فقد جاء في الإنصاف للمرداوي (٧/١٣٩) ما نصه: وقيل: إن أعطاه لمعنى فيه من حاجة أو زمانة، أو عمى، أو كثرة عائلة، أو لاشتغاله بالعلم ونحوه، أو منع بعض ولده لفسقه، أو بدعته، أو لكونه يعصي الله بما يأخذه ونحوه جاز التخصيص، واختاره المصنف، ثم ذكر أنه رواية عن أحمد، وأنه قوي جداً، وانظر إلى مجموع فتاوى ابن تيمية، تجميع ابن قاسم (٣١/٢٩٥) .
هذا وبناء على ما تقدم فإنه ليس على والدكم شيء، وكونه وعد الباقين بإعطائهم ولم يعطهم أيضاً لا يلزمه؛ لأن الهبة لا تلزم إلا بالقبض. والله أعلم.