ما هي أقوال العلماء في اصطحاب الأطفال تحت سن السادسة إلى المسجد، وهل ما يقوم به كبار السن من المصلين بإظهار الانزعاج من هؤلاء الأطفال له أصل شرعي، وهل منع النبي - صلى الله عليه وسلم - حضور تلك الشريحة من الأطفال للمسجد، وكيف نفسر تأخر الرسول - صلى الله عليه وسلم - للرفع من السجود بقوله: أن أحد حفيديه كان على ظهره فخشي من الارتفاع وسقوطه، وهل هناك بحث علمي جيد فصل في هذا الموضوع؟
الجواب
هذا فيه تفصيل، وأقوال العلماء فيه مختلفة، فالإمام أحمد كان يرى منع الأطفال عن المسجد.
وأقول: إذا نظرنا إلى ظاهر السنة فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يمنع الأطفال، فقد خرج مرة وهو حامل أمامة بنت أبي العاص - ابنة زينب على عاتقه فصلى فكان إذا قام حملها وإذا سجد وضعها " أخرجه البخاري (٥١٦) ، ومسلم (٥٤٣) من حديث أبي قتادة، والحسن ركب على ظهره فتأخر عليه السلام في السجود، فقال الصحابة: يا رسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحي إليك. قال: كل ذلك لم يكن ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته " الحديث أخرجه النسائي (١١٤١) من حديث عبد الله بن شداد عن أبيه.
إذا نظرنا إلى هذه الأحاديث قلنا إن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يمنع الأطفال لكن هذه الأحاديث الصحيحة يجب أن تحمل على المحامل التي توافق عمومات النصوص فالأحاديث بعضها يسدد بعضاً، فنحن نعلم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى المصلي عن الصلاة بحضرة طعام، أو وهو يدافع الأخبثين انظر ما رواه مسلم (٥٦٠) حتى لا يشغل عن صلاته ويؤثر على خشوعه.
فهذه النصوص تدل دلالة واضحة على أن المصلي يشرع له أن يبتعد عن أي شيء يشوش عليه.
وعلى هذا فحضور الأطفال إلى المسجد يجوز، ولكن لا بد من ضبطهم، لكي نجمع بين النصوص، فحضور الأطفال ممن أعمارهم بين الخامسة والسابعة مثلاً يفيد في تعلم الصلاة، والخشوع، ولكن لو أن كل رجل أتى بطفله وترك له العنان ليلعب ويتكلم ويزعج، فإن الخشوع لا يتوفر للمصلين. ولهذا فإننا لا نمنع حضور الأطفال للمساجد، ولكن بشرط ألا يكون حضورهم سبباً في تضييع الخشوع والاطمئنان للمصلين، فالواجب على ولي الطفل أن يضبطه، وإلا فإنه لا يحضره إلى المسجد.
ومذاهب العلماء في هذا مختلفة، وتراجع في مظانها، ولكن هذا ما تجتمع عليه الأدلة والله أعلم.