للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الرياء وجدولة العبادات]

المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ١٤/٤/١٤٢٤هـ

السؤال

بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه وسلم، وبعد: اتفقت معنا أخت على عمل ورد يومي للمحاسبة، والمقصود بالورد هو عبارة عن جدول فيه بعض العبادات، مثل قراءة كتاب وسماع شريط، وقراءة القرآن، والصلوات الخمس، والسنن، والصيام، والصدقة، والأذكار، وتاريخ اليوم، ثم نقوم كل يوم بملء هذه الخانات بعلامة صح إذا أتممنا هذه العبادة في وقتها، أو علامة خطأ إذا حدث خلل أو تقصير، والإشكال في اطلاع الأخت عليها خشية الرياء وعدم الإخلاص في العبادة، ولكنها ترى أن رؤيتها لهذه الورقة للمتابعة لا دخل لها بالرياء والإخلاص، فما رأيكم؟ أفادكم الله.

الجواب

الحمد لله، وبعد: فإن اتخاذ المسلم أو المسلمة لنفسه جدولاً لمتابعة الأعمال الصالحة لا بأس به إن شاء الله بشروط:

(١) ألا يعتقد فيه أنه قربة بذاته، وإنما يعمله المسلم كوسيلة فقط لمتابعة نفسه حين يجد أنه قد ينسى أو يغفل.

(٢) ألا يكون الالتزام به التزاماً بالعبادات المشروعة من فرائض أو نوافل، بل يجعل التعامل معه كالتعامل مع أية وسيلة معينة على الخير، فهو مستعد لتركها إذا وجد أفضل منها، ويكون مثله كمن يستعين على طلب العلم بالوسائل الحديثة كالشريط مثلاً، فإذا وجد ما هو أفضل منه لم يتعلق بالأول، لأنه لا يعدو أن يكون وسيلة فقط.

(٣) ألا يدعو الناس إليه كما لو كان عملاًَ مشروعاً بذاته.

(٤) ألا يطلع عليه أحد (وهذا موضع السؤال) لعدم الحاجة إلى ذلك، ولما فيه من احتمال فساد النية من أجل ذلك، ولكن يبقى التعاون العام والتناصح والتواصي على الخير وأن يكون بعضنا لبعض ظهيراً على الطاعة والبر ولهذا أصل.

كما في قوله تعالى: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ" [المائدة: من الآية٢] .

وكما في مؤاخاة المهاجرين والأنصار بعضهم مع بعض، فقد كان كل أخ معيناً لأخيه على العلم والعبادة والجهاد والخير، كما في قصة أبي الدرداء مع سلمان - رضي الله عنهما - وغيرها. انظر ما رواه البخاري (٦١٣٩) ، من حديث أبي جحيفة - رضي الله عنه-.

وكما جاء عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مع أهل بيته أنهم كانوا يتقاسمون الليل يقوم كل واحد جزءاً منه. انظر ما رواه البخاري (٥٤٤١) ، من حديث أبي عثمان.

وعلى كل حال فينبغي أن تكون عناية العبد بنفسه، وأن يحملها على الطاعة حملاً ذاتياً دون اتكال على أحد غير الله سبحانه، فهذا هو الأصل، ولا مانع بعد ذلك من اتخاذ الأسباب لتشجيع النفس على الخير والطاعة، وتدريبها على ذلك بأنواع الوسائل المباحة، والتي لا تشتمل على محذور شرعي بحسب الضوابط السابقة، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>