في نقاش دار بيني وبين أحد الأصدقاء قال لي صديقي إنه لا بأس بقراءة الفاتحة على الميت لما لها من فضل وأجر, فأجبته أنه لا أصل لهذه القراءة ولم تثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنها بدعة, فأجاب وكذلك لا يوجد دليل على أنه لم يفعل ذلك، وهكذا وجد آباءه وأجداده يفعلون، أرجو من فضيلتكم الرد على هذه البدعة بالحجة والدليل من الكتاب والسنة، وكذلك الرد على المنهجية التي يتبعها صديقي في الاستنباط بقوله إنه (لا يوجد دليل على أنه لم يفعل ذلك، وهكذا وجد آباءه وأجداده يفعلون) .
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأصل في العبادات المنع حتى يرد الدليل عليها من الشرع، فلا يقال إن قراءة الفاتحة على الميت مشروعة من أصلها أو من جهة عددها، أو من جهة هيئتها إلا بدليل شرعي، فمن ابتدع في الدين ما لم يشرعه الله رد عليه عمله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"مَن عَمِل عملاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فهُو رَدٌّ". أخرجه البخاري (٢٦٩٧) ومسلم (١٧١٨) . أي مردود عليه، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن خلفائه الراشدين وسائر الصحابة، رضي الله عنهم، أنهم قرؤوا الفاتحة على الميت إلا في صلاة الجنازة، على الهيئة التي شرعها الإسلام، وليس على هيئة أخرى، قال الله تعالى:(وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا
نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) ] الحشر: من الآية٧ [. فنأخذ ما آتانا الرسول صلى الله عليه وسلم، على عدده وهيئته، وهذا معنى أن الأصل في العبادات المنع حتى يرد الدليل من الشرع، وقوله:(لا يوجد دليل على أنه لم يفعل ذلك) . له جوابان: الأول: ما ذكرت من أن الأصل في العبادات المنع حتى يرد دليل شرعي، والجواب الثاني: لو فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، أو أمر به لأُخبرنا بذلك، فقد ربى الصحابة، رضي الله عنهم، على كل شيء يرضاه الله من العبادات، بل على ما يصلح لهم في حياتهم وبعد مماتهم، فقد علمهم حتى كيفية قضاء الحاجة.
ووجود الآباء والأجداد على بدعة ليس دليلاً على صحتها، إنما الدليل فعل الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أتى بالشرع وأكمل الله به الدين. والله أعلم.