هل يترك العمل الدعوي بسبب أنه مقصر في العلم؟ مع أنه يسعى جاهداً لتحصيله، وهل لمدرس حلقة القرآن للمرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية أن يقيم برامج هادفة للطلاب؟ وما الضوابط؟.
الجواب
أخي الفاضل -سلمه الله-: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
فأشكر لك مراسلتك لنا على موقع (الإسلام اليوم) وحرصك على أمر دينك، وأرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة.. ثم إنه لا شك في ضرورة العلم الشرعي للداعي إلى الله؛ لأن ذلك من البصيرة التي وصف الله بها طريقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الدعوة في قوله:"قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني"[يوسف: ١٠٨] ولا يتصور نجاح دعوة وقبولها من غير علم وهدى وبصيرة؛ لأن خلاف ذلك يعني الدعوة إلى الجهل والضلال والانحراف، لذلك أوجب العلماء على من يدعو إلى أي أمر من أمور الدين أن يكون عالماً به، لكن ذلك لا يعني ألاّ يقوم بالدعوة إلا من كان ملماً بجميع العلوم الشرعية أصولها وفروعها، ولكن يكفي أن يكون عالماً بما يدعو إليه على وجه الخصوص، فلا يجوز أن يدعو أحد غيره إلى دفع زكاة ماله، وهو لا يعلم هل الزكاة وجبت على هذا الإنسان، بمعنى هل المال الذي عنده بلغ النصاب واستوفى شروط الوجوب أم لا؟ وهكذا الأمر في كل ما يدعى إليه الناس.
وعلى هذا ليس بصحيح قول من قال بأنه لا يدعو إلى الله إلا من كان عالماً ملماً بجميع المسائل.
ولمدرس حلقة التحفيظ للمرحلة الابتدائية أو المتوسطة أو الثانوية أن يقيم البرامج الهادفة كالرحلات والمخيمات للطلاب، بشرط أن يكون صاحب دين وخلق وعلم ودراية في كيفية التعامل مع الطلاب وتوجيههم التوجيه السليم، ويبذل قصارى جهده في تحبيب الدين والخلق للطلاب عبر القصة والموقف والمشهد والطرفة، ويستعين ببعض الإخوة الطيبين ليتعاونوا معهم في ذلك.. وعلى مدرس حلقة التحفيظ (حلقات المساجد) دور لا يقل عن غيره في الدعوة بل يزيد، لأن النفوس مقبلة عليه لسماع التوجيه والتربية لا سيما ومعه القرآن الذي هو مأدبة الله لخلقه، وعليه أن يجتهد في الأساليب المحببة للنفوس للتأثير على الطلبة حتى يستقيموا على الجادة، ويكونوا مثالاً في الخلق والحفظ والأدب، وعلى المعلم أن يتابع الكتب والأشرطة المعنية بأمور الدعوة والتربية والتوجيه لتصقل موهبته وتزيد من قدراته.
ولا يحل له أن يترك العمل الدعوي بسبب أنه مقصر في العلم، طالما أنه يدعو لما يعلم وهو ممن يسعى جاهداً لتحصيل العلم والازدياد منه، ولو فعل ذلك كل أحد لأنه مقصر ما قام بالدعوة بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحد، فاتق الله وواصل مسيرة الدعوة والتوجيه، فإن الجيل الصاعد متعطش للدعوة، ومحتاج لأمثالك من الغيورين والناصحين.
وفقك الله لكل خير ونفع بك، وجعلك مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر إلى يوم القيامة.