للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإسلام والتمييز العرقي]

المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني

عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى

التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/شمول رسالة الإسلام وعمومها

التاريخ ١٦/١٢/١٤٢٤هـ

السؤال

شيخنا الكريم: يستشكل البعض الجمع بين ما هو معروف عن الدين الإسلامي من أن الناس سواسية، وأن الإسلام قد أزال وحارب الفرقات العرقية التي يتمايز بها الناس، ولكنه في ذات الوقت يكرس هذا المفهوم في بعض أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وذلك كقوله: "اسمعوا وأطيعوا وإن تأمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة" أو كما قال - صلى الله عليه وسلم - فهو في هذا الحديث يبين أن مستوى العبد الأسود أقل من مستوى بقية الناس، بدليل قوله وإن تأمر، والذي يدل على استبعاد احتمالية إمارة ذلك العبد الأسود، وأنه ولو تأمر فإن الناس تأنف من إمارته، لذلك حثهم النبي - صلى الله عليه وسلم- على الطاعة، وكذلك وصفه بـ (كأن رأسه زبيبة) يرى فيه بعض الناس أن فيه تعييراً لأصحاب البشرة السوداء، آمل التلطف بإزالة الإشكال. مع دعائي لكم بدوام التوفيق والسداد.

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

أقول وبالله التوفيق:

لقد جاء تقرير المساواة بين الشعوب والأعراق في قواطع نصوص الكتاب والسنة على أجلى وجه، كما في قوله -تعالى-: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير" [الحجرات: ١٣] وكما في قوله - صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع وفي خطبة أيام التشريق: "يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر، إلا بالتقوى". أخرجه الإمام أحمد (٢٢٩٧٨) بإسناد صحيح.

ثم هذه نصوص الكتاب والسنة كلها، لا يوجد فيها تفريق بين الناس في الفروض من الأوامر والنواهي، ولا تمييز بين الشعوب بتحريم حلال أو تحليل حرام على شعب دون شعب، ولم يأت في شيء من نصوص الوحيين أيضاً ما يحكم بالنجاة من عذاب الله -تعالى- لمجرد الانتماء العرقي أو النسبي أو اللوني. بل النصوص واضحة كل الوضوح أن النجاة من عذاب الله والفوز بالجنة لا يكون بغير الإسلام والإيمان، وأن الكافر مخلد في النار ولو كان أعرب العرب، وأقرب الناس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم-،وما خبر أبي لهب عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن كل مسلم ببعيد، فقد نزلت فيه سورة تذكر مصيره في العذاب المخلد في نار جهنم.

أما حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"اسمعوا وأطيعوا، وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبه"، أخرجه البخاري (٧١٤٢) من حديث أنس -رضي الله عنه-. فإنه لم يخرج عن المعنى المذكور آنفاً، بل جاء في سياقه نفسه. حيث إنه أمر بترك النعرة الجاهلية التي كان العرب معها يأنفون من أن يتولى الإمرة عليهم عبد من إفريقيا أسود اللون. فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم- بطاعته وعدم الخروج عن أمره، وأن يميتوا تلك المعاني الجاهلية في نفوسهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>