للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أحكام في عقد النكاح]

المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم

عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء

التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة

التاريخ ٢٧/٢/١٤٢٥هـ

السؤال

أرجو بيان تفاصيل عقد النكاح؛ أين يعقد؟ ومتى يعقد؟ وكيف يعقد؟ وماذا يقال عند العقد من الأدعية؟ ومن يحضر عقد النكاح؟ وإذا وُعِظ الزوجان فكيف يتم ذلك طبقاً للسنة النبوية؟

إننا عازمون على إصدار نشرة صغيرة لكل من يتولى عقد النكاح من المفوضين بكتابة عقود الأنكحة؛ حتى يكونوا على بصيرة من أمر دينهم، فلذا نرجو مساعدتنا في الأمر، حيث لا يوجد في بطون الكتب الفقهية إلا ذكر أحكام النكاح وشروطه، وما إلى ذلك دون تعرض للشكليات، فالرجاء إلقاء الضوء على صورة عقد النكاح في بلدكم؛ لتكون قدوة لنا.

الجواب

الحمد لله وحده، وبعد:

فإن شريعتنا السمحة لم تشترط أن يعقد النكاح في زمان معين، ولا في مكان معين، كما لم تشترط عقده على يد عالم أو فقيه، وإنما اشترط فيه تحقيق أركانه وشرائطه المعروفة في باب النكاح، علماً بأن جمهور الفقهاء قد ذهبوا إلى استحباب عقد النكاح في المسجد، وهم الحنفية كما في فتح القدير (٣/١٨٩) ، والشافعية كما في إعانة الطالبين (٣/٢٧٣) ، والحنابلة، كما في الروض المربع (٦/٢٤٣ مع الحاشية) ، وقرره شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٣٢/١٨) ، وابن القيم في إعلام الموقعين (٣/١٢٦) ؛ استدلالاً بالحديث الوارد في سنن الترمذي (١٠٨٩) من طريق عيسى بن ميمون عن القاسم بن محمد عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "أعلنوا هذا النكاح، واجعلوه في المساجد ... " ثم قال أبو عيسى الترمذي: "هذا حديث غريب.. وعيسى بن ميمون الأنصاري يضعف في الحديث" ا. هـ، وهو كما قال، فقد ضعفه من هذا الطريق الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (٤/٢٠١) ، وغيره، وللحديث شواهد دون قوله: "واجعلوه في المساجد"، ولذا فلا يصلح حجة للقول بالاستحباب، وقد أشار إلى هذا الضعف: الشوكاني في السيل الجرار (٢/٢٤٧-٢٤٨) ثم قال: "فالمساجد إنما بنيت لذكر الله والصلاة، فلا يجوز فيها غير ذلك إلا بدليل يخصص هذا العموم، كما وقع من لعب الحبشة بحرابهم في مسجده - صلى الله عليه وسلم-،وهو ينظر، وكما قرر من كانوا يتناشدون الأشعار فيه" ا. هـ، ثم صرح بضعف الحديث في نيل الأوطار (٦/٢١١) .

وذهب عامة الفقهاء إلى استحباب عقد النكاح مساء يوم الجمعة، وقيل: أو ليلتها، كما في فتح القدير للحنفية (٣/١٨٩) ، والفواكه الدواني للمالكية (٢/١١) ، وإعانة الطالبين للشافعية (٣/٢٧٤) ، والإنصاف للحنابلة (٨/٣٨) ؛ وذلك تبركاً بهذا اليوم؛ ولأن فيه ساعة استجابة؛ ولأن جماعة من السلف استحبوا ذلك، منهم: سمرة بن حبيب، وراشد بن سعيد، وحبيب بن عتبة..، والحقيقة أن هذه التعليلات والآثار لا تنهض دليلاً للقول باستحباب هذا التوقيت أو سنته؛ حيث لا نص من الشارع هنا.

وذهب المالكية (كما في مواهب الجليل (٣/٤٠٨) ، والشافعية كما في روضة الطالبين

<<  <  ج: ص:  >  >>