[هل إسراء النبي -صلى الله عليه وسلم- منام؟]
المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل
أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/السيرة النبوية
التاريخ ١٣/٠٩/١٤٢٦هـ
السؤال
في حادثة الإسراء والمعراج، هل كان ذلك في منام رآه النبي -صلى الله عليه وسلم- أم أنه ذهب بجسده؟ أرجو ذكر الأدلة على ذلك.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالإسراء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم العروج به كان حقيقة ً لا مناماً، لقول الله تعالى: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله، لنريه من آياتنا". [الإسراء:١] والأحاديث كثيرة منها:
ما رواه البيهقي في دلائل النبوة (٢/٣٩٠) ، وابن جرير في تفسيره (١٥/١١) ، عن أبي سعيد -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال له أصحابه: يا رسول الله أخبرنا عن ليلة أسري بك فيها، قال: قال الله عز وجل: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله ... " قال: فأخبرهم: فقال: "بينا أنا نائم عشاء في المسجد الحرام إذ أتاني آتٍ، فأيقظني، فاستيقظت فلم أر شيئاً، وإذا أنا بدابةٍ ادنى شبهاً بدوابكم هذه ... ) فذكر قصة الإسراء بطولها.
وروى البيهقي أيضاً في الدلائل (٢/٣٥٩) ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أن ناساً جاءوا إلى أبي بكر - رضي الله عنه- فقالوا: هل لك في صاحبك، يزعم أنه جاء إلى بيت المقدس، ثم رجع إلى مكة في ليلة واحدة! فقال أبوبكر -رضي الله عنه-: أو قال ذلك؟ قالوا: نعم، قال: فأشهد لئن كان قال ذلك لقد صدق قالوا: فتصدقه بأن يأتي الشام في ليلة واحدة، ثم يرجع إلى مكة قبل أن يصبح؟ قال: نعم، إني أصدقه بأبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء. قال أبو سلمة: فبها سمي: أبو بكر بالصديق.
وفي صحيح مسلم، في كتاب الإيمان (٢٧٨) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي، فسألوني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها، فكربت كربةً ما كربت مثله قط، فرفعه الله لي أنظر إليه، ما سألوني إلا أنبأتهم به ... " الحديث، وغير ذلك من عشرات الأحاديث في الصحيحين وغيرهما.
وقد ساق ابن كثير -رحمه الله- جملة من هذه الأحاديث على آية الإسراء "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله.." ثم قال رحمه الله بعد ذلك (٨/٤٣١) : "والحق أنه عليه السلام أسري به يقظةً لا مناماً، من مكة إلى بيت المقدس".
وقال أيضاً (٨/٤٣٢) : "اختلف الناس: هل كان الإسراء ببدنه -عليه السلام- وروحه، أو بروحه فقط؟ على قولين: فالأكثرون من العلماء على أنه أسري ببدنه وروحه يقظة لا مناماً".