للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفضيل أحد الأولاد مكافأة لمعروفه]

المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم

عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء

التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة

التاريخ ٠٤/٠٨/١٤٢٥هـ

السؤال

شخص مسلم، لديه ثروة يريد أن يميز أحد الأبناء في حياته؛ وذلك لأن الولد ساعده في زيادة ثروته، هل يجوز ذلك شرعًا، في حياته أو بعد مماته؟ وشكرًا.

الجواب

الحمد لله، وبعد:

أما العطية في حال الحياة لبعض الأولاد دون بعض، فإنها مكروهة بلا خلاف، كما في المغني (٨/٢٥٨) ، واختلف العلماء في التحريم، فذهب الجمهور إلى الكراهة، وذهب الإمام أحمد إلى التحريم - وهو الأصح من القولين بلا ريب؛ للنصوص الصحيحة الصريحة في هذا، ومنها حديث النعمان بن بشير، رضي الله عنه، قال: أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟ ". قَالَ: لَا. قَالَ: "فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ". قَالَ: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ ... أخرجه البخاري (٢٥٨٧) ، ومسلم (١٦٢٣) ، واللفظ للبخاري، وفي لفظ لمسلم (١٦٢٣) : قال- يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم-: "أَيَسُرُّكَ أنْ يَكُونُوا إليكَ في البِرِّ سَوَاءً؟ ".قال: بلى. قال: "فَلاَ إِذًا". هذا إذا كان تخصيص بعض الأولاد دون مسوغ شرعي، أما لو خص الأب بعض أولاده بالعطية لمعنى يقتضي تخصيصه مثل اختصاصه بمرض لا يقوى معه على العمل، أو كثرة عائلة لم يقدر على كفايتها، فإنه يشرع له ذلك، وبهذا صرح غير واحد من أهل العلم، ومنهم ابن قدامة في المغني (٨/٢٥٨) استدلالاً بقصة أبي بكر مع عائشة، رضي الله عنهما، ولأن اختصاص البعض كان بسبب معنى يقتضي العطية، فاختص بها دون غيره.

وبناءً عليه، فإذا كان ذلك الولد، الذي ساعد والده في ثروته، قد فعل ذلك من باب البر والإحسان غير ناوٍ المعاوضة من والده، فإنه لا يستحق شيئًا يختص به دون إخوته، وأجره على الله تعالى.

أما لو كان قد قام بذلك العمل بنية المعاوضة، وقصد والده مكافأته لذلك، دون محاباة، ولا قصد تفضيله على إخوته، فإنه يجوز له ذلك، والأمر راجع إلى الذمة، وما يعلمه الوالد من نفسه، هذا بالنسبة للعطية في حال الحياة.

أما الوصية لما بعد الممات، فقد حكى شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٣١/٣٠٨-٣٠٩) ، أنه لا يجوز الوصية لبعض الأولاد دون بعض بإجماع العلماء، وإذا فعل، فلا يجوز تنفيذها بدون إجازة بقية الورثة. والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>