هل يشترط في الاستغاثة بغير الله أن يرافقها اعتقاد المشركين، حتى تكون من الشرك الأكبر أم لا؟ وهل تعد شركاً أكبر إذا كان المستغيث يعتقد أن المستغاث به سيغيثه بإذن الله؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالاستغاثة: طلب الغوث، وهو إزالة الشدة، كالاستنصار طلب النصر، والاستعانة طلب العون.
والمخلوق يُطلب منه من هذه الأمور ما يقدر عليه منها، كما قال -تعالى-: "وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر"[الأنفال: ٧٢] ، وكما قال:"فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه"[القصص:١٥] ، وكما قال -تعالى-:"وتعاونوا على البر والتقوى"[المائدة:٢] . وأما ما لا يقدر عليه إلا الله; فلا يطلب إلا من الله.
والمستغاث به من دون الله -تعالى- لا يخلو أمره من حالين:
إما أن يكون حياً أو ميتاً، والميت لا تجوز الاستغاثة به بحال، لا فيما يقدر عليه البشر ولا غيره.
والحي لا يخلو إما أن يكون حاضراً أو غائباً، والغائب لا تجوز الاستغاثة به أيضاً؛ لأنه لا يسمع المستغيث، فهو من هذا الباب كالميت في عدم السماع، والحي الحاضر لا يستغاث به إلا فيما يقدر عليه البشر، وينبغي أن يفرق بين الاستغاثة والتوسل، ذلك أن التوسل قد يتصور فيه عدم اعتقاد النفع والضر في المتوسل به، أما الاستغاثة فلا تتصور إلا مقرونة باعتقاد المستغيث في قدرة المستغاث به على إغاثته، وهذا فيه جواب على الشطر الأول من السؤال.
أما الشطر الثاني فإذا كان المستغيث يعلم أن المستغاث به لا يغيثه إلا بإذن الله -تعالى-، فلماذا يلجأ إليه ويُعرض عمن بيده ملكوت كل شيء، وهو يجير ولا يجار عليه -سبحانه-.