أشك في عدد الطلقات التي طلقني إياها زوجي، هل هي اثنتان أم ثلاث، وأنا أشك في اثنتين، الأولى وهو كان في شدة الغضب لحد التكسير، والثانية وأنا في فترة النفاس، وبعد ذلك قام بتطليق مرة أخرى، ولكنه كان في شدة الغضب، وما كان ينوي الطلاق على حد كلامه، وبعد أسبوعين تبين أني حامل وتم الرجوع، وهذا بعد أن قال لي إنه قام بسؤال أحد المشايخ في بلادنا وعليه كفارة، وهي أن يدفع صدقة، وللعلم كان زوجي يشرب الخمر، وبعد أن يفيق يكون في شدة العصبية وبعد فترة تم سجنه لاستعماله مواد مخدرة، لهذا كان دائم العصبية والغضب الشديد معنا، ولكن بعد سجنه بسنة تاب إلى الله بعد أن وقفت معه أسانده وأنصحه، وبعدها اعترف لي بأنه لم يسأل شيخاً في الطلقة الأخيرة؛ لأنه كان غير راغب في الطلاق، ولكن غصباً عنه لما حدث بيننا من مشاكل ولأنه لا يريد الانفصال، وكان دائما يندم ولا ينوي الطلاق بحد ذاته، وللعلم فإن لدينا أطفالاً أرجو إفادتي.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فقد ذكرت السائلة أن إحدى الطلقات وقعت عليها وهي نفساء، وطلاق الحائض والنفساء المدخول بها محرم، وقد اختلف العلماء في وقوعه، فذهب أكثر العلماء إلى وقوعه مع الإثم، مستدلين بأدلة منها حديث ابن عمر - رضي الله عنهما- أنه طلق امرأته وهي حائض، فسأل عمر- رضي الله عنه- رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء" رواه البخاري (٥٢٥٢) ، ومسلم (١٤٧١) ، قالوا: فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم- بالمراجعة وهي لم شعث النكاح، وإنما شعثه وقوع الطلاق.
وذهب جمع من العلماء منهم ابن حزم وابن تيمية وابن القيم والشوكاني - رحمهم الله- تعالى إلى أن الطلاق المحرم لا يقع، ومنه طلاق الحائض والنفساء، مستدلين بأدلة كثيرة منها ما رواه أبو داود (٢١٨٥) ، بإسناد صححه ابن حزم وابن القيم في الهدى (٥/٢٢٦) ، وغيرهما من حديث ابن عمر- رضي الله عنهما- المذكور أعلاه وفيه:"فردها علي ولم يرها شيئاً" قال الشوكاني - رحمه الله تعالى- إسناد هذه الرواية صحيح ولم يأت من تكلم عليها بطائل" اهـ. وبل الغمام (٢/٧٠) ، وقد سئل ابن عمر - رضي الله عنهما- عن رجل طلق امرأته وهي حائض فقال: "لا يعتد بذلك"رواه ابن حزم (١٠/١٦٣) ، بإسناده إليه قال ابن القيم إسناد صحيح، زاد المعاد (٥/٢٣٦) ، كما صححه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في التلخيص الحبير (٣/٢٠٦) ، وعدم وقوع الطلاق على النفساء أفتى به شيخنا العلامة ابن باز - رحمه الله تعالى- انظر: الفتاوى (٢١/٢٨٥) ، ومن تأمل الأدلة وجمع بينها تبين له قوة هذا القول والله تعالى أعلم، انظر المحلى (١٠/١٦٣) ، زاد المعاد (٥/٢١٨) ، وبل الغمام للشوكاني (٢/٦٩) ، الروضة الندية (٢/١٠٥) ، جلاء العينين (٢٦٨) .