للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل الكراهية للحديث بعد العشاء مطلقة!]

المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي

كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية

التاريخ ٢٩/٠٥/١٤٢٧هـ

السؤال

سمعنا أنه ينبغي النوم بعد صلاة العشاء , فهل هذا صحيح؟

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يكره النوم قبل العشاء، والحديث بعدها. ففي الصحيحين عن أبي برزة الأسلمي -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يكره النوم قبل العشاء، والحديث بعدها صحيح البخاري (٥٤٧) ، وصحيح مسلم (٦٤٧) .

وقد ذكر العلماء علة ذلك، منها ما قاله القاضي عياض، والنووي، وابن حجر وملخصه: أن سبب كراهة النوم قبلها أنه يعرضها لفوات وقتها باستغراق النوم، أو لفوات وقتها المختار والأفضل، ولئلا يتساهل الناس في ذلك، فيناموا عن صلاتها جماعة.

وسبب كراهة الحديث بعدها أنه يؤدي إلى السهر، ويخاف منه غلبة النوم عن قيام الليل، أو الذكر فيه، أو عن صلاة الصبح في وقتها الجائز، أو في وقتها المختار أو الأفضل. ولأن السهر في الليل، سبب للكسل في النهار عما يتوجب من حقوق الدين، والطاعات، ومصالح الدنيا.

ثم إن المكروه من الحديث بعد العشاء هو ما كان في الأمور التي لا مصلحة فيها، أما ما فيه مصلحة وخير فلا كراهة فيه؛ وذلك كمدارسة العلم، وحكايات الصالحين، ومحادثة الضيف، والعروس للتأنيس، ومحادثة الرجل أهله وأولاده للملاطفة والحاجة، ومحادثة المسافرين بحفظ متاعهم أو أنفسهم، والحديث في الإصلاح بين الناس، والشفاعة إليهم في خير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإرشاد إلى مصلحة ونحو ذلك. فكل هذا لا كراهة فيه. وقد جاءت أحاديث صحيحة ببعضه والباقي في معناه ... ثم كراهة الحديث بعد العشاء المراد بها بعد صلاة العشاء لا بعد دخول وقتها. واتفق العلماء على كراهة الحديث بعدها إلا ما كان في خير، كما ذكرناه. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>