للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(التثويب) في الأذان الأول أم الثاني]

المجيب د. خالد بن علي المشيقح

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ١٤/٢/١٤٢٤هـ

السؤال

السلام عليكم.

يؤلمني ما يجري من النزاع والمجادلة في بعض المجتمعات بالنسبة لقول "الصلاة خير من النوم" في أذان الفجر، بعضنا يرى أن موضعها الأذان الأول، وبعضهم يرى أن موضعها في النداء الثاني، سبب هذا النزاع ضرراً بيننا حتى أصبح لا يصلي بعضنا خلف بعض، ما هو حقيقة موضع هذا القول في نداء صلاة الفجر؟ وجزاكم الله خيراً.

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

المسائل الاجتهادية التي يقوم كل قول منها على دليل لا يجوز أن تكون مصدر خلاف ونزاع بين الإخوة وبين المسلمين فإن الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- كانوا يختلفون ومع ذلك كانت قلوبهم كقلب رجل واحد يختلفون بمثل هذه الأمور الاجتهادية ولكل منهم دليل، ومع ذلك فإنه يصلي بعضهم خلف بعض ويحب بعضهم بعضاً ويوالي بعضهم بعضاً ولا يشنؤه ولا يبغضه، ومثل هذا لا يكون سبباً في التفرقة بينهم -رضي الله تعالى عنهم- وأنصح الإخوة أن يقتدوا بالسلف وأن يعذر بعضهم بعضاً في مثل هذه المسائل التي يجتهد فيها العلماء ويكون لكل منهم دليل قائم، فما دام أنه يتعبد الله -عز وجل- بالدليل وليس بالهوى ولا بالعصبية فعليك أن تعذره وأن تحسن الظن به وأن ترجع أنت وإياه إلى الكتاب والسنة كما قال الله -عز وجل-:"فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول" [النساء: ٥٩] ، وعلينا أن نقرأ في فقه الخلاف وأن نسترشد به وأن ننظر إلى خلاف السلف -رحمهم الله-، وأما بالنسبة لهذه المسألة الفرعية فالصواب من أقوال أهل العلم -رحمهم الله- أن موضع التثويب بقول: الصلاة خير من النوم، إنما هو في الأذان الثاني وهذا هو الذي يدل له الأثر والنظر، أما الأثر فحديث أنس -رضي الله تعالى عنه- انظر القرطبي (٦/٢٢٨) ، وصحيح ابن خزيمة (١/٢٠٢) ، الحديث رقم (٣٨٦) ، والأحاديث المختارة (٧/١٦٠) ، وكذلك حديث نعيم بن النحاس -رضي الله تعالى عنه- وأما النظر فإن قول: الصلاة خير من النوم إنما يتوجه إذا كان في النداء الثاني دون الأول، لأن النداء الثاني إنما يكون عند طلوع الفجر ودخول وقت صلاة الفجر، فكان من المناسب أن يرغب في أداء هذا الفرض وأن يقوم الإنسان ويؤدي ما أوجب الله عليه، وأما ما ورد فيما يستدل به من قال إنها في النداء الأول بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"إذا أذنت الأول فقل الصلاة خير من النوم ... "إلى آخر الحديث انظر: النسائي (٦٣٣) ، وأصله في مسلم (٣٧٩) ، فالجواب عن هذا بأن يقال: إن المراد بقوله: إذا أذنت الأول أن المراد هو الأذان الثاني، وإنما سمى هذا الأذان الثاني الذي عند طلوع الفجر سماه أولاً بالنظر إلى الإقامة، فإن الإقامة تسمى أذاناً كما في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث عبد الله بن المغفل:"بين كل أذانين صلاة" البخاري (٦٢٤) ، ومسلم (٨٣٨) ، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>