(اليأس) شعور نفسي يتعرَّض له الإنسان نتيجة ضغوط نفسية (ما) ، سواء كان سبب تلك الضغوط أزمات ومشكلات لم يتمكن ذلك الإنسان من التعامل معها بطريقة ناجحة، أم كان سببها تقلبات مزاجية وعاطفية، أم مغالطات في فهم الأمور وتصورها على الوجه الصحيح ... الخ.
حين تصادف الأسباب المشار إليها وغيرها نفسيةً غير سوية فلا تستطع أن تتكيف معها، ويتأثر نتيجة لذلك ـ استقرارها وهدوؤها؛ حيث إن الشخصية السوية والنفسية المعتدلة تستطيع ـ بتوفيق الله ـ تحمُّل الضغوط النفسية والأزمات والصراعات والتقلبات بأنواعها، والتعامل معها بالأسلوب الذي تتجاوز به المشكلة بثبات.
واليأس هو درجة من فقدان الأمل بحل مشكلة ما أو النجاح في أمر ما، والشعور بالإحباط، يصاحب ذلك ـ أو يسبقه ـ نوع من القلق والتوتر والاضطراب.
وقد يدفع اليأس صاحبه إلى ممارسات خاطئة يحاول بها الهروب من تلك المشاعر التي سيطرت عليه (مع أنها قد تكون مشاعر وهمية) ، فيلجأ إلى مشاعر وهمية أخرى وحيل نفسية تخالف الواقع، أو الهروب من الواقع بالانطواء والعزلة، أو إيذاء نفسه أو تناول مسكرات أو الانتحار، أو الهروب من الاهتمام الذي سبب له الأزمة كالذي تنتابه مشاعر اليأس من حال أمته فيترك الاهتمام بها جملة وتفصيلاً وربما ترك التدين وانغمس في الشهوة التي تنسيه ذلك الهم.
وتجدر الإشارة ـ قبل البدء بوسائل دفع اليأس ـ أن اليأس ليس خاصًا بفئة من الناس بعينها دون غيرها، وليس خاصًا بموقف دون موقف، بل إنه يتطرق إلى كل إنسان توفرت لديه الأسباب الداعية لذلك ولم يملك القدرة على دفعه.
ومن وسائل دفع اليأس:
١. تعميق الإيمان بالقدر خيره وشره، واليقين بأن كل ما يصيب الإنسان فهو بعلم الله وتقديره، والعبد في مشيئة الله. وتحقيق هذه الوسيلة ـ كأكثر الوسائل ـ بيد الإنسان بعد توفيق الله، فعليه أن يقرأ النصوص الشرعية الدالة على هذا المعنى بتفهم وعمق، مع الاطلاع على أقوال السلف وسلوكهم في التعامل مع الأحداث. فما معنى ترديد المسلم في الصلاة وبعدها:«اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد» رواه البخاري (٦٣٣٠) ومسلم (٥٩٣) من حديث معاوية - رضي الله عنه -، وفي آثر ضعيف رواه الطبراني:«إن من عبادي من لا يصلح له إلا الفقر ولو أغنيته لطغى، وإن من عبادي من لا يصلح له إلا الغنى ولو أفقرته لطغى ... » انظر تفسير ابن كثير (٣/٤٩) وموسوعة الأحاديث الضعيفة (٤٠٥٩) ، وأكثر ما يشتكى من اليأس بسبب نسيان هذه الحقيقة وضعف الإيمان؛ ولذلك كان توجيه يعقوب ـ عليه السلام ـ وهو من هو في معايشته لصنوف من الضغوط النفسية حينما فقد ابنيه يوسف وبنيامين ـ عليهما السلام ـ:"يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون"[يوسف:٨٧] .