للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢. قوة اليقين بقدرة الله، وهذا معنى زائد على مجرد الإيمان بالقدر، فالإيمان بالقدر هو استسلام لقضاء الله الكوني مع الاحتساب، ولكن اليقين بقدرة الله على تغيير الحال إلى حال أحسن هو تطلع لفضل الله وحسن الظن به والتوكل عليه؛ ولذا فإن إبراهيم ـ عليه السلام ـ كشف عن قوة يقينه بقدرة الله حين جاءته البشرى بالولد فقال: "ومن يقنط من رحمة ربه إلا القوم الضالون" [الحجر:٥٦] أي: لم أكن لأيأس من رحمة الله، بل كان كثير الدعاء بأن يرزقه الله ذرية صالحة، ووفق المقاييس المادية لا يمكن لعجوز عقيم أن تلد من شيخ كبير، لكن حصل خلاف تلك المقاييس.

٣. أن يتفهم الشخص أن المشكلة مهما كانت من التعقيد، أو أن الحال مهما كان من السوء فإن حلهما لا يكون بغير حلهما، أو الإسهام بحلهما، وكما قيل (أن تضيء شمعة، خير من أن تلعن الظلام ألف مرة) ، وهذا يقودنا إلى الوسيلة الرابعة وهي:

٤. أن يركز على العمل، أما الاقتصار على مجرد الهموم وتقليب المشاعر وتهييجها فلن يغني شيئًا، وفي المثل العربي (أوسعتهم شتمًا وساقوا بالإبل) .

٥. أن يعتدل في نظره للأسباب التي يتحقق من خلالها ما يطلب؛ فإن التعلق بالأسباب أو المبالغة في اعتقاد أنها الأسباب الوحيدة يولد ردّ فعل باليأس وشعورًا بالإحباط.

٦. أن يعتدل في نظره للمشكلات والأزمات وسوء الأحوال، فقد لا تكون بالصورة الموجودة في ذهن الإنسان، وكم كبَّرت النفسية المتطرفة أمرًا صغيرًا أو مواقف يسيرة فجعلت منها فاجعة أو كارثة، فتصورت أن حلها من الصعوبة بمكان.

٧. أن يعتدل في نظره لذاته وإمكاناتها، فقد ينشأ اليأس نتيجة احتقار النفس وبالتالي لا يفعل ما يمكنه فعله لتجاوز المشكلة أو سببِها؛ توهمًا أنه غير قادر على ذلك، فيقع أسيرًا لليأس، أو تصور النفس فوق قدراتها فيحمّلها ما لا تحتمل ثم يقاوم ثم ينهار. وأمر آخر له صلة بالاعتدال وهو تفهم أن الله لم يكلف الإنسان إلا ما يستطيع وعليه أن يفعل ما يستطيع، وبالتالي فإن ما ينتاب بعض الناس من اليأس لكونه لا يستطيع أن يصلح كل الأحوال هو نتيجة توهم أنها مسؤوليته بنفسه، دون أن يفهم أن مسؤوليته أن يسهم فقط.

٨. التنفيس عن المشاعر السلبية بطريقة معتبرة شرعًا، كالاتجاه إلى الله بالدعاء والشكوى "قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله" [يوسف:٨٦] ، أو عرض المشكلة على أهل العلم والمختصين، وطلب الرأي منهم والتحاور معهم؛ شرط أن يكون ذلك طلبًا للحل لا محاولة لإقناع الناس بالفكرة اليائسة.

ما تقدم من شأنه ـ بإذن الله ـ دفع اليأس، أما حينما يصاب شخص بهذا الداء فإن هناك علاجات نفسية تعرف في حينها من أهلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>