كيف يكون بذل النصح لأهل العلم وطلبته دون انتقاص لعلمهم ومكانتهم على ضوء الكتاب والسنة؟.
الجواب
الأخت الكريمة -سلمها الله ورعاها- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع "الإسلام اليوم"، ونرجو الله أن تجدي منا النفع والفائدة.
والجواب على ما سألت كالتالي:
أقدر لك حرصك على معرفة الأسلوب المناسب واللائق في مناصحة أهل العلم، وهذا -إن شاء الله- يدل على دين وإيمان وحرقة على الحق وسعي في نصرته. ولا ريب أن احترام العلماء وتقديرهم من الأمور الواجبة شرعاً وإن خالفناهم الرأي؛ فالعلماء ورثة الأنبياء، والأنبياء قد ورثوا العلم، وأهل العلم لهم حرمة. وقد وردت نصوص كثيرة في تقدير العلماء واحترامهم، قال الإمام النووي:(باب توقير العلماء والكبار وأهل الفضل وتقديمهم على غيرهم ورفع مجالسهم وإظهار مرتبتهم) . ثم ذكر قول الله -تعالى-: "قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ"[سورة الزمر الآية ٩] ، ثم ساق الإمام النووي طائفة من الأحاديث في إكرام العلماء والكبار، وأحيل القارئ إلى كتاب (رياض الصالحين) للإمام النووي (ص ١٨٧-١٩٢) . ومع كل هذه النصوص التي تحث على ما سبق وغيرها من النصوص الشرعية التي تحرم السب والشتم واللعن، والوقوع في أعراض المسلمين إلا أن بعض الناس من أشباه طلبة العلم ليس لهم شغل إلا شتم العلماء وسبهم على رؤوس الأشهاد في المساجد وفي الصحف والمجلات، ويحاول هؤلاء الصبية تشويه صورة العلماء وتنفير عامة الناس منهم؟ وأتساءل لمصلحة من يهاجم علماء الأمة؟ ولمصلحة من يشتم العلماء؟ هل هذه هي الطريق لإقامة الدين؟ هل علماء الأمة حالوا دون إقامة دولة الخلافة؟ أم أن بعض الناس يعلق فشله وعجزه على الآخرين؟ لماذا يوصف العلماء بالخيانة أو السذاجة والبلاهة؟ هل يصح أن يقال في علماء الأمة:(ومن الملمَّعين المنافقين؟) كيف عرفتم أنهم منافقون؟ هل شققتم على قلوبهم؟ ألم تسمعوا قول النبي - صلى الله عليه وسلم- لأسامة بن زيد -رضي الله عنه- لما قتل رجلاً بعد أن قال لا إله إلا الله:"أفلا شققت على قلبه؟ " رواه مسلم. ألم تسمعوا قول النبي- صلى الله عليه وسلم-: "إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم" رواه البخاري ومسلم. قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: (لا يزال الناس مشتملين بخير ما أتاهم العلم من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم- ومن أكابرهم فإذا أتاهم العلم من قبل أصاغرهم وتفرقت أهواؤهم هلكوا) رواه أبو عبيد والطبراني في الكبير والأوسط، وقال الهيثمي رجاله موثقون. ورواه أبو نعيم في الحلية، ولفظه قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- (لا يزال الناس بخير ما أتاهم العلم من علمائهم وكبرائهم وذوي أسنانهم، فإذا أتاهم العلم عن صغارهم وسفهائهم فقد هلكوا) .