[نذر أن يصوم العام كله!]
المجيب محمد محمد سالم عبد الودود
عضو اللجنة العلمية بالموقع
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ ٠٨/٠٢/١٤٢٧هـ
السؤال
ارتكبت الكثير من المعاصي بيني وبين الله، وبعضها مع الناس، وأنا أؤمن بكرم الله -سبحانه وتعالى- ولا آمن مكره، فالله عفو غفور شديد العقاب.. وسألجأ إليه بالتوبة والدعاء والاستغفار عساه -جل في علاه- أن يرحمني برحمته، وأن يشملني بعطفه وكرمه..
سؤالي: أنوي في مشوار توبتي أن أنذر صوم عامٍ كامل متواصل طيلة أيامه، بما في ذلك أيام الجمع والعيدين، ابتداءً من أول محرم إلى آخر ذي الحجة، مع نيتي -بإذن المولى عز وجل- أن أقوم أيضاً خلال هذه السنة بالعمرة في رمضان والحج، وسيدخل ضمن أيام الحج فترة نذري بهذا الصوم أيضاً. فما حكم هذا النذر؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أخي الكريم:
١- مرحباً بك في قافلة العائدين إلى الله، ونسأله -سبحانه وتعالى- أن يتوب علينا جميعاً، ويثبتنا على صراطه المستقيم.
وإنه لمن علامات صدق التوبة أن يحس الإنسان بثقل ما كان عليه من الذنوب، فإن الذنب عند المنافق مثل الذبابة التي تنزل على وجه الإنسان ويتخلص منها بأبسط حركة، وأما عند المؤمن الصادق الإيمان فإن الذنب يكون مثل الجبل فوق رأسه، لا يدري متى يسقط عليه.
٢ - أما فيما يخص فكرة صوم سنة متتابعة فلا أوافقك عليها؛ للأسباب التالية:
أ- ما ذكرت من نيتك صيام يومي العيد، وهما يومان يحرم فيهما الصوم؛ لما ورد في الحديث الصحيح من نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن صيامهما، فيما أخرجه البخاري (١٩٩١,١٩٩٠) من رواية عمر بن الخطاب، وأبي سعيد -رضي الله عنهما-.
ب ـ أن هذا من التشدد الزائد، فقد أخرج البخاري (٤٣) عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل عليها وعندها امرأة، قال: "من هذه؟ " قالت: فلانة، تذكر من صلاتها، قال: "مه، عليكم بما تطيقون.." وكان أحب الدين إليه ما دام عليه صاحبه.
ج- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نفى الفضيلة عمَّا زاد على صيام داود -عليه السلام-، كما رواه البخاري (١٨٤٠) في هذه القصة التي أختم لك بها لشبهها بحالتك:
قال عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-: أُخْبِرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أني أقول: والله لأصومن ولأقومن الليل ما عشت؟! فقلت له: قد قلته بأبي أنت وأمي. قال: "فإنك لا تستطيع ذلك، فصم وأفطر وقم ونم، وصم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر". قلت: إني أطيق أفضل من ذلك. قال: "فصم يوما وأفطر يومين". قلت: إني أطيق أفضل من ذلك. قال: "فصم يوماً وأفطر يوماً؛ فذلك صيام داود -عليه السلام- وهو أفضل الصيام". فقلت: إني أطيق أفضل من ذلك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا أفضل من ذلك".