للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل معاقبة النفس عند المعصية بالتصدق بدعة؟!]

المجيب د. محمد بن عبد العزيز المبارك

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/المراقبة والمحاسبة

التاريخ ٢٧/٣/١٤٢٥هـ

السؤال

نحن أربعة أصدقاء ملتزمون حديثاً، لكن يصيبنا الفتور بسرعة، ونحن نعد من الملتزمين مع ما نراه في أنفسنا من التقصير الشديد، وحيث إنه لا يوجد لدينا الشيخ المربّي (فنحن في صعيد مصر والمشايخ ممنوعون من الذهاب له) اتفقنا على أن نعاقب أنفسنا إذا قصرنا في الطاعات، واتفقنا على ذلك بأن كل تغير في أمر معين نتصدق بمبلغ حددناه، بحيث نجمع المبلغ آخر الأسبوع ونتصدق به، ونعين بعضنا على الطاعات، لكن بعد أيام من هذا الاتفاق هناك من قال لنا إن هذا لا يجوز، وأنه بدعة، حيث لم يثبت عن الصحابة - رضي الله عنهم- أو السلف -رضوان الله عليهم- هذا الأمر، وهو نوع العقاب، وأن هذا يجعلنا نعمل للمال وليس لله -عز وجل-.

أفتونا مأجورين، وجزاكم الله خيراً.

الجواب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

لا شك أن الذي حثت عليه النصوص الشرعية في مواطن كثيرة عند اقتراف الذنوب إنما هو التوبة والاستغفار وعمل الصالحات، يقول الله -سبحانه وتعالى-: "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون" [آل عمران:١٣٥] ، وقال تعالى: "للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار" [آل عمران:١٥-١٧] وقال تعالى: "وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون" [الأنفال:٣٣] ، وقال تعالى: "إن الحسنات يذهبن السيئات" [هود:١١٤] . وعن علي -رضي الله عنه- قال: (إني كنت رجلا إذا سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثا نفعني الله منه بما شاء أن ينفعني به وإذا حدثني رجل من أصحابه - رضي الله عنهم- استحلفته فإذا حلف لي صدقته، وإنه حدثني أبو بكر وصدق أبو بكر - رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ما من رجل يذنب ذنبا ثم يقوم فيتطهر ثم يصلي ثم يستغفر الله إلا غفر الله له ثم قرأ هذه الآية: "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون" [آل عمران:١٣٥] . أخرجه أحمد (٢) والترمذي (٤٠٦) وأبو داود (١٥٢١) وابن ماجة (٣٩٥) وصححه ابن حبان.

وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: قال الله -تعالى-: "يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالى، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي, يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة" رواه الترمذي (٣٥٤٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>