[إغاثة العراق بكل طوائفه]
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته
التاريخ ٢٧/٢/١٤٢٤هـ
السؤال
فضيلة الشيخ.. تجري في هذه الأيام حملة واسعة لجمع الصدقات لشعب العراق المنكوب، فما رأي فضيلتكم في التبرع لهم؟ مع أن فيهم طوائف مبتدعة ضالة وأخرى كافرة، والغالب أن التبرعات تصلهم كما تصل أهل السنة؛ فالقائمون على توزيعها لا يفرقون بين أهل السنة وغيرهم.
وقد يكون في التبرع في هذه الحملة تقويةٌ لشوكة الطوائف الضالة وإظهارٌ لها.
أفتونا مأجورين.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن الإحسان بابٌ واسع، والصدقة لا ينحصر أجرها في المسلمين، بل في كل كبدٍ رطبةٍ أجرٌ، كما نص على ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله:"في كل كبد رطبة أجر"، وهو يعم كل حيٍّ من إنسان أو حيوان.
كما يدل على ذلك قوله تعالى:"ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً" قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "كان أُسراؤهم يومئذ من المشركين".
وكذلك حديث الرجل الذي وجد كلباً يلهث يأكل الثرى من العطش....فسقاه فشكر الله له رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لهما: "أن بغيِّاً من بغايا بني إسرائيل وجدت كلباً يكاد يقتله العطش فسقته الماء فغفر الله لها، فقالوا: يا رسول الله وإن لنا في البهائم أجراً؟! فقال: "في كل كبدٍ رطبة أجر".
فأي حرجٍ ـ إذاً ـ في دفع الصدقات لشعب العراق الذي نهكته الحرب والفقر والمرض وتتابعت عليه المصائب والكروب ـ ما دامت الصدقة مشروعة حتى للكافر الحربي والسبع الضاري؟
أما التخوف من أن يكون التصدقُ عليهم يقوي شوكةَ الطوائف الضالة والكافرة على أهل السنة، فقد يكون له اعتبارٌ وحظٌ من النظر لو أن أموال الصدقة تؤول إلى أسلحةٍ توزّع عليهم ليتواجهوا.
ولكن أموال الصدقة توؤل عند تفريقها إلى أغذيةٍ أو أدويةٍ وما شابه ذلك، وما علمنا أن مثل هذا يقوي شوكة، إنما يعالج مرضاً، أو يسد جوعةً.
إن أهل السنة في العراق يعيشون في مواجهة عدوان خارجي أمريكي غاشم، وليس من المصلحة في شيء أن نحرِّك كوامن عداوة داخلية أخرى من هذه الطوائف على أهل السنة.
ولا نشك أن المصلحة الشرعية تقتضي المسالمة بين هؤلاء، فلديهم مواجهة مشتركة مع العدو الخارجي.
لقد كنا ولا نزالُ نخاف على إخواننا المسلمين الجوعى الملهوفين تلك الحملات التنصيرية التي تغزوهم متدثِّرةً بدثار الإغاثة مستترةً بستار الإعانات الطبية، ولم نكن نخاف منها هذه البرامج الإغاثية ـ والتي هي نوع من الإحسان في ظاهرها ـ إلا لأنها تستميل قلوب أولئك الجوعى وتؤثر فيهم؛ ولأجل هذا فنحن نعده من أقوى أسلحة هؤلاء في تنصير المسلمين.
فلماذا لا نأخذ بهذا السلاح نفسه ـ سلاح الإغاثة والإحسان ـ لأجل استمالة قلوب تلك الطوائف الضالة للحق، أو ـ على أقل تقدير ـ دفع غوائلهم عن أهل السنة؟!
إن من الأوهام التي غطّت على عقولنا زمناً طويلاً حتى أصبحت وكأنها من القضايا المسلَّمة: أن الرافضي لا يترك مذهبه لمذهب أهل السنة أبداً، وأن هدايته تستعصي على كل حجة، وعلى كل وسيلة.