التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة
التاريخ ٠١/١٠/١٤٢٥هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
ما حكم ذكر الحديث بالمعنى مع تطابق أغلب ألفاظه دون القول: فيما معناه. أو نحوها؟ لا سيما أن بعض العامة إذا قلت عندهم: فيما معناه. تقالُّوا النصيحة، بل ربما صححوا الحديث بالظن.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد:
رواية الحديث بالمعنى أكثر العلماء على جوازها لمن كان عالمًا بلغات العرب، بصيرًا بالمعاني، عالمًا بما يحيل المعنى وما لا يحيله، قال الإمام أحمد: ما زال الحفاظ يحدثون بالمعنى. وروي عن الحسن أنه استدل لذلك بأن الله يقص قصص القرون السالفة بغير لغاتها، وروي عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، قال: لقيت عدة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فاختلفوا في اللفظ، واجتمعوا في المعنى. وقال أبو سعيد الخدري، رضي الله عنه: كنا نجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، عسى أن نكون عشرة نفر، نسمع الحديث، فما منا اثنان يؤديانه، غير أن المعنى واحد. وروي عن ابن مسعود وأبي الدرداء، رضي الله عنهما: أنهم كانوا يحدثون عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقولون: أو نحو هذا، أو شبهه. وكان أنس، رضي الله عنه، يقول: أو كما قال. وعن ابن عون قال: كان إبراهيم النخعي والحسن والشعبي يأتون بالحديث على المعاني. ينظر: الكفاية (ص: ٢٠٤ - ٢١٠) ، المحدث الفاصل (ص: ٥٣٣- ٥٣٧) ، جامع بيان العلم وفضله (١/٧٨-٨١) ، شرح العلل (١/١٤٥- ١٤٩) . وهذا كله قبل وجود المصنفات والدواوين، أما بعد وجودها فيتعين على من ينقل عنها أن يحافظ على الألفاظ، وذلك لزوال الحاجة التي من أجلها سوِّغت الرواية بالمعنى، حيث كانت السنة تنقل مشافهة، قال ابن دقيق العيد: لا تغير الألفاظ بعد الانتهاء إلى الكتب المصنفة سواء روينا فيها أو نقلنا منها. ينظر: فتح المغيث (٣/١٤٧) . وقال ابن الصلاح: ثم إن هذا الخلاف لا نراه جاريًا، ولا أجراه الناس فيما نعلم فيما تضمنته بطون الكتب، فليس لأحد أن يغير لفظ شيء من كتاب مصنف ويثبت بدله لفظًا آخر بمعناه، فإن الرواية بالمعنى رَخَّص فيها من رَخَّص لما كان عليهم من ضبط الألفاظ والجمود عليها من الحرَج والنصَب، وذلك غير موجود فيما اشتملت عليه بطون الأوراق والكتب. ينظر: علوم الحديث (ص: ٢١٤) . ولكن إذا كان المتحدث يتكلم مشافهة في كلمة أو موعظة أو خطبة أو نحو ذلك، ثم استشهد بحديث فلا يلزم أن يسوقه بلفظه، فلو أورده بمعناه، وهو عالم بما يحيل المعنى وما لا يحيله، فلا بأس، ولا يلزم أن يقول: أو كما قال. وإن قالها فهذا أكمل وأفضل، لأن الذين نقلوا الحديث بالمعنى لم يلتزموا بذلك، ولكن إذا كتبت هذه الكلمة أو الخطبة، فيجب أن تراجع الأصول بحيث تورد الأحاديث بألفاظها. والله أعلم.