[إحساس الميت بمن يزوره]
المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ ١٣/١/١٤٢٣
السؤال
هل الميت يحس ويستأنس بزيارة الأحياء له؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فالأصل أن الميت إذا قبضت روحه وفارق الحياة فإنه يفقد الإحساس الذي يحس به الأحياء، فلا يسمع ولا يرى، وتتعطل جميع حواسه التي كان يحس بها في الدنيا.
قال تعالى:" إنك لا تسمع الموتى ... " [النمل:٨٠] ، وقال - تعالى-:" وما أنت بمسمع من في القبور" [فاطر:٢٢] وما يكون في الحياة البرزخية فهو من الأمور الغيبية التي لا سبيل إلى معرفتها إلا عن طريق الوحي المعصوم أي: ما دل عليه الدليل من الكتاب والسنة الصحيحة.
واستثني من هذا الأصل سماع أهل القليب للنبي -صلى الله عليه وسلم- يوم بدر، وقوله - صلى الله عليه وسلم-:" هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً فإنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً"، وقوله لأصحابه:" ما أنتم بأسمع لما أقول منهم" حينما استنكروا نداءه لهم" والحديث رواه البخاري (١٣٧٠) ومسلم (٩٣٢) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.
وكذلك يستثنى من هذا الأصل سماع الميت قرع نعال المشيعين لجنازته لثبوت الدليل على ذلك، فيما رواه البخاري (١٣٣٨) ومسلم (٢٨٧٠) من حديث أنس-رضي الله عنه-.
أما الآثار التي وردت بأن الميت يحس بزائره ويستأنس به فهي لا تثبت وأسانيدها واهية لا تصلح للاحتجاج، وقد ذكر ابن القيم في (الروح) ، والقرطبي في (التذكرة) كثيراً منها.
ومما يدل على عدم إحساس الميت بزائره أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما ذكر العلل والحكم من زيارة القبور لم يذكر منها استئناس الميت بزائريه، وإنما ذكر أنها: ١- تذكر الآخرة كما عند أبي داود (٣٢٣٥) والنسائي (٤٤٣٠) من حديث بريدة -رضي الله عنه-. ٢- وترقق القلب وتدمع العين كما عند الحاكم (١٤٣٣-١٤٣٤) من حديث أنس -رضي الله عنه-. ٣- وتزهد في الدنيا كما في حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- عند ابن ماجة (١٥٧١) والحاكم (١٤٢٧) . ٤- وتذكر الموت كما عند مسلم (٩٧٦) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
أما الميت فلا ينتفع إلا بالدعاء سواء وقت الزيارة أو بعيداً عن القبر، لكن الزيارة تذكره بالميت فيدعو له.
أما حديث عمرو بن العاص -رضي الله عنه- ووصيته بأن يقيموا حول قبره قدر ما تنحر الجزور ويقسم لحمها حتى يستأنس بهم، وينظر ماذا يراجع به رسل ربه، فهذا وإن كان في صحيح مسلم (١٢١) إلا أنه موقوف على عمرو بن العاص -رضي الله عنه- ولم يرفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهو اجتهاد منه -رضي الله عنه- ولم يذكر دليله على ذلك، والله - تعالى- أعلم.
وعلى كلٍ فسماع الأموات مسألة خلافيه بين العلماء قديماً وحديثاً، والله أعلم.
يحسن الرجوع إلى فتوى اللجنة الدائمة رقم (١٧٢٧ الجزء ١ / ٤٧٧) جمع أحمد الدويش. انتهى.