التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
التاريخ ٢٤/١١/١٤٢٥هـ
السؤال
هل يجوز لدخيل اقتحام غرفة إصلاح ذات البين دون إذن صاحب الدعوى والتحيز للطرف الآخر؟ وهل يجوز اعتماد بصمة إنسان يقع تحت أزمة قلبية أو نائم أساسًا لإصدار حكم؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإصلاح ذات البين لا يشترط له إذن الطرفين، بل هو داخل في عموم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو من أنواع النصيحة، ولكن هذا إذا تم وفق الضوابط الشرعية، أما إذا مال الداخل إلى أحد الطرفين ظلمًا فهو بحاجة إلى من يناصحه لخروجه عن الغاية النبيلة، وهي الصلح، إلى الظلم؛ فعن أبي الدرداء، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ؟ ". قَالُوا: بَلَى. قَالَ:"إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ". أخرجه أحمد (٢٧٥٠٨) ، وأبو داود (٤٩١٩) ، والترمذي (٢٥٠٩) وصححه.
أما ما يتعلق بحكم الاعتماد على بصمة إنسان نائم أو واقع تحت أزمة قلبية: فالبصمة قرينة قوية على صحة الدعوى، ولكن إذا ثبت عند القاضي أنها تمت في أثناء نوم صاحبها أو وقوعه تحت أزمة قلبية فلن يعتمد عليها أبدًا، وهذا مما لا خلاف فيه، ولكن إذا لم يثبت ذلك فالعبرة بالظاهر، والنبي صلى الله عليه وسلم، قال:"إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّهُ يَأْتِينِي الْخَصْمُ فَلَعَلَّ بَعْضَهُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ فَأَحْسَبُ أَنَّهُ صَادِقٌ فَأَقْضِي لَهُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنْ النَّارِ فَلْيَحْمِلْهَا أَوْ يَذَرْهَا". رواه البخاري (٢٤٥٨) ، ومسلم (١٧١٣) من حديث أم سلمة، رضي الله عنها،، فحكم القاضي يرفع النزاع في الدنيا ولا يحل حرامًا، قال الحافظ ابن حجر، رحمه الله تعالى، في شرحه للحديث السابق:(وفيه أن من احتال لأمر باطل بوجه من وجوه الحيل حتى يصير حقًّا في الظاهر، ويحكم له به أنه لا يحل له تناوله في الباطن، ولا يرتفع عنه الإثم بالحكم، وفيه أن المجتهد قد يخطئ، فيرد به على من زعم أن كل مجتهد مصيب، وفيه أن المجتهد إذا أخطأ لا يلحقه إثم، بل يؤجر كما سيأتي، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم كان يقضي بالاجتهاد فيما لم ينزل عليه فيه شيء، وقد عدا في ذلك قوم، وهذا الحديث من أصرح ما يحتج به عليهم، وفيه أنه ربما أداه اجتهاده إلى أمر فيحكم به ويكون في الباطن بخلاف ذلك) ا. هـ، فتح الباري (١٣/١٧٤) . ولو فُتح هذا الباب، وهو باب عدم أهلية المدان في أثناء توقيع المستندات من شيكات وغيرها لضاعت الحقوق؛ إذ كل من ثبت عليه شيء ادّعى أنه وقَّع ذلك تحت تأثير المخدر أو في أثناء التنويم المغناطيسي، أو غير ذلك من الدوافع. وفق الله، تعالى، الجميع لما يحبه ويرضاه. والله تعالى أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.