[المرض النفسي لوالدنا ... أحرجنا!]
المجيب سليمان بن سعد الخضير
مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ ٢١/٠١/١٤٢٧هـ
السؤال
يعاني والدي من حالة نفسية، وأعراض هذه الحالة خطيرة جداً، وسأشرح لك جزءًا قليلاً من تلك الأعراض. هذا المرض أصاب والدي منذ سنوات، حيث يقل نومه ويقل أكله ويتصرف تصرفات غير سوية وجنونية، فيقوم بالتوهم بأنه تاجر أحياناً، وأحياناً شاعر وأحياناً قوي لا يقهر، وأحياناً شيخ ورجل مهم في الدولة، ويقوم بقضاء معظم وقته في المقاهي، ويصرف أمواله في أمور لا ترضي الله ولا رسوله، ويستغل من قبل أناس كثيرين لا يخافون الله، ويكون عدوانياً بشكل كبير لمن نصحه أو عارضه في بعض الأمور، ويقوم أيضاً بالقيادة بشكل جنوني.
وقبل سنوات قام بإطلاق النار على عدة قرى، وعرَّض حياته للخطر، وجرح الكثير من الناس هناك، حتى وصل به الأمر إلى التهجم على أعراض الناس. ولقد حاولت أن أنصحه وأثنيه لكن دون جدوى، نصحني البعض بالحجر عليه ولكني لم أستطع فعل ذلك، كما أفيدكم بأنه لا يصلي ولا يصوم، ويجاهر بالمعصية، ويشهر بأهل بيته وبنات أخيه، أفيدوني ما العمل في مثل هذا الموقف؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
ملأ الله قلبك رضى، وكان الله في عونك.
رسالتك تنطوي على ثلاثة أبعاد بشكل رئيس:
١. بُعد صحي.
بُعد شرعي.
بُعد اجتماعي.
البُعد الأول (الصحي) أقترح استمرارك في السعي لعلاج والدك -جمع الله له بين الأجر والعافية- وتحرى المراكز التي تعتني بهذه الحالات وأمثالها، وبخاصة ذلك النوع الذي يجعله تحت العناية الداخلية، أقترح أن تتحرى بشكل جيد في دولتك؛ فهم أقدر منا على إرشادك، وربما استفدت من الإنترنت في هذا الغرض.
البُعد الثاني: يعد والدك معذوراً شرعًا في الفترة التي يغشاه فيها المرض مما قد يتلفظ به أو يعمله أو يتركه، لكنه - وإن كان معذورًا فيما بينه وبين الله - فإنه يتحمل قيمة ما يتلف (لو حصل شيء من ذلك) ، ولا يلحقك إثم فيما يتلفظ به هو، وعليك بعرض حاله على المحكمة الشرعية، فربما رأى القاضي الحجر على ماله مطلقًا أو مؤقتًا، ونقل الولاية على أسرتك منه إليك، فهذا الأمر لا تكفي فيه الفتوى أو الاستشارة، بل لا بد من حكم قضائي.
البُعد الثالث: وهو ما يتعلق بعلاقة والدك بأسرته وعلاقته بالناس، وما تشعر به من الحرج الشديد، لا أتوقع أن أحدًا يلومك فيما تشعر به، بل هو أمر يبعث على التعاطف معك من وجهين: أنه والدك الذي جعل الله له حقوقًا شرعية فضلاً عن العاطفة الفطرية المشتركة، والثاني من الناس الذين تقرأ في وجوههم ونظراتهم معاتبتك ولومك، ولذا فأكرر جعل والدك في العناية الداخلية للمراكز النفسية، حتى يتماثل للشفاء، أو أن يقترح عليك القاضي إمساكه في البيت وتحمل ما يتلفظ به، ومن المهم في هذه الحالة أن يكون بعيدًا عن مرأى الصغار خاصة، وأن يبدو منك -بشكل واضح- تضايقك أن تمارس مع والدك هذا الحبس.
وفي كل الحالات حافظ على ما أبديته سابقًا من الشفقة عليه والمحبة له مهما كان من حاله، والله يأخذ بأيديكم للفرج، فـ (سيجعل الله من بعد عسر يسرًا) .