للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل يستغفر للقاتل؟]

المجيب د. نايف بن أحمد الحمد

القاضي بمحكمة رماح

التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته

التاريخ ٢٥/٠٤/١٤٢٥هـ

السؤال

لدي صديق قُتل في مشاجرة، وسمعنا حديث: "القاتل والمقتول في النار", سؤالي: هل هذا الحديث ينطبق على صديقي هذا أم لا؟ وهل يجوز لي أن استغفر له؟ أرجو منكم التفصيل، وشرح الحديث المذكور. -وجزاكم الله خيراً-.

الجواب

الحمد لله وحده، وبعد:

فعن أبي بكرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فقتل أحدهما صاحبه فالقاتل والمقتول في النار"، قالوا: يا رسول الله هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصاً على قتل صاحبه" رواه البخاري (٣١) ، وهذا الحديث من أحاديث الوعيد، وقد نص العلماء على أن أحاديث الوعيد تُمر كما جاءت قال ابن تيمية -رحمه الله تعالى- (أول مسألة تنازعت فيها الأمة من مسائل الأصول الكبار وهي مسألة الوعيد) الفتاوى (٣/٢٣٠) ، وقال - رحمه الله-: (وأحاديث الوعيد يذكر فيها السبب، وقد يتخلف موجبه لموانع تدفع ذلك إما بتوبة مقبولة، وإما بحسنات ماحية، وإما بمصائب مكفرة، وإما بشفاعة شفيع مطاع، وإما بفضل الله ورحمته، ومغفرته؛ فإنه لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، وما يحصل للمؤمن في الدنيا والبرزخ والقيامة من الألم التي هي عذاب، فإن ذلك يكفر الله به خطاياه)

(٢٤/٣٧٥) .

وقال ابن القيم - رحمه الله تعالى- بعد ذكره أقوال الفرق في نصوص الوعيد: (والصواب ... أن هذه الأفعال سبب لما علق عليها من الوعيد، والسبب قد يتخلف عن مسببه لفوات شرط أو وجود مانع، والموانع متعددة منها ما هو متفق عليه بين الأمة كالتوبة النصوح، ومنها الحسنات الماحية، والمصائب المكفرة، وما يلحق العبد بعد موته من ثواب تسبب إلى تحصيله، أو دعاء، أو استغفار له، أو صدقة عنه، ومنها شفاعةٌ - بإذن الله- فيها لمن أراد أن يشفع فيه، ومنها رحمة تدركه من أرحم الراحمين يترك بها حقه قِبَلَهُ، ويعفو عنه) الصواعق المرسلة (٣/٦٩١) .

أما معنى الحديث فقد قال الخطابي - رحمه الله تعالى-: (هذا الوعيد لمن قاتل على عداوة دنيوية أو طلب ملكاً مثلاً، فأما من قاتل أهل البغي أو دفع الصائل فَقُتِل فلا يدخل في هذا الوعيد؛ لأنه مأذون له في القتال شرعاً) فتح الباري (١٢/١٩٧) ، وقال القرطبي - رحمه الله تعالى-: (فبيِّن هذا الحديث أن القتال إذا كان على جهل من طلب الدنيا، أو اتباع هوى فهو الذي أريد بقوله القاتل والمقتول في النار) انظر: فتح الباري (١٣/٣٤) ، وقال النووي - رحمه الله تعالى-: (وهو إذا التقى المسلمان بسيفيهما في المقاتلة المحرمة كالقتال عصبيةً ونحو ذلك فالقاتل والمقتول في النار) شرح مسلم (١١/١٧٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>