أنا رجل متزوج ولي أخت أصيبت بما يشبه الصرع، ونطق عليها الجن، وقال: إن زوجتي هي التي أرسلته إلى أختي! علماً أني أنا وزوجتي ملتزمان -ولله الحمد- وأمي تطلب منى طلاق زوجتي، وإلا فستقتلها؛ لأن الجن قال: إن زوجتي هي التي تقوم بعمل السحر، وقد سحرتني، لكي تجعلني أقسو على أخوتي وأمي، وسحرت أختي لكي لا تتزوج، وكلام كثير آخر، المهم إن أمي مقتنعة تمامًا بكلام الجن وتصدق ما يقول، فماذا أفعل؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن وآله، وبعد:
فإن تصديق والدتك لادعاء الجن تعمد زوجتك إيذاء أختك دون بينة، مصيبة كبيرة، وفرية عظيمة، إذ لا يجوز للمسلم أن يتهم أحداً بمجرد دعوى ليس عليها بينة قاطعة؛ فإن هذا باب شر عظيم؛ فعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ" متفق عليه صحيح البخاري (٤٥٥٢) ، وصحيح مسلم (١٧١١) . وهذا إذا كان المدعي من الإنس، يشاهد، ويعرف، ويمكن أن يؤاخذ إذا تبين كذبه، فكيف إذا كان غير معروف، ولا مشاهد، ومن طائفة يكثر بين أفرادها الكذب، وتعمد إيذاء الناس، والتفريق بينهم، كالجن والشياطين؛ وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كذبهم، كما ثبت من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- بقوله:"صدقك وهو كذوب" أخرجه البخاري (٣٢٧٥) وغيره.
فلتتق الله أمك، ولا تلتفت لمثل هذا الاتهام الخطير، ولا تتعرض لزوجتك بسوء لمجرد هذه الدعوى الواهية؛ قال تعالى:"وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً"[الأحزاب:٥٨] . أسأل الله أن يصلح أحوالكم، وأن يشفي أختك وجميع مرضى المسلمين، وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.