للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التنعت بصاحب العظمة والجلالة]

المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق

التاريخ ٢٣/٤/١٤٢٤هـ

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سؤالي يتعلق ببعض النعوت كصاحب الجلالة صاحب العظمة أو أسماء الله الحسنى، هل يجوز أن ينعت بها غير الله أجيبونا يرحمكم الله.

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

لا شك أن الاقتصاد في المدح والوصف للمخلوقين هو الأوفق والأليق، وعبارات التفخيم والتعظيم حادثة على قاموس الأمة المسلمة، مستجلبة من أعاجم الفرس والروم في تعظيمهم لملوكهم، وبالنسبة للسؤال فإن كان لهذا المخلوق الموصوف جلالة تناسبه فلا يظهر بأس في وصفه بجلالة الملك، أو صاحب الجلالة الملكية، ويكون مقيداً، أما الإطلاق هكذا: صاحب الجلالة وصاحب العظمة فهذه جلالة وعظمة مطلقة لا يستحقها المخلوق أياً كان، والشريعة تحمي جناب التوحيد، وتسد الذرائع المفضية إلى تعظيم المخلوق المفضي إلى الشرك، ومن ذلك ما جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - لما قيل له: أنت سيدنا فقال: "السيد الله" رواه أبو داود (٤٨٠٦) من حديث عبد الله بن الشخير -رضي الله عنه- وسنده جيد، مع أنه له سيادة - صلى الله عليه وسلم - على أمته، ومثله قوله: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده فقولوا: عبد الله ورسوله" أخرجه البخاري (٣٤٤٥) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما-، ووفد على النبي -صلى الله عليه وسلم- ناس فقالوا له: يا خيرنا وابن خيرنا ... فقال: "يا أيها الناس عليكم بتقواكم لا يستهوينكم الشيطان أنا محمد بن عبد الله عبد الله ورسوله والله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله -عز وجل-" رواه النسائي في الكبرى (١٠٠٠٧) وأحمد (١٢٥٥١) من حديث أنس - رضي الله عنه- بسند صحيح.

فإذا كان هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المعصوم المغفور له ما تقدم من ذنبه الذي له نصيب من كل ما ذكر يغلق هذا الباب؛ باب تعظيم المخلوق ورفعه فوق منزلته فكيف بغيره؟! ولهذا يتبين لنا أن عامة الشرك في الأفعال وفي التأله هو من باب التعظيم والغلو في الأشخاص.

وأما أسماء الله الحسنى فلا يجوز أن يوصف أو يسمى بها المخلوق؛ لأن ذلك نوع من الإلحاد في أسماء الله، وهو من أنواع التشبيه، وهو تشبيه المخلوق بالخالق، وخاصة في الأسماء التي لا يصح أن تطلق إلا على الله كالجبار، والحكم، والمتكبر، ونحوها، فلا يجوز إطلاقها على غير الله.

أما مجرد الوصفية دون العَلَمية لمعنى موجود في المخلوق يناسبه، كوصفه بأنه عزيز وحكيم وسميع وبصير ورحيم فأمر جائز؛ وقد جاء في التنزيل "إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً" [الإنسان: ٢] ، وقوله تعالى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم" [التوبة: ١٢٨] .

<<  <  ج: ص:  >  >>