مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي ١٥/١٠/١٤٢٥
٢٨/١١/٢٠٠٤
بشأن موضوع الاجتهاد:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، في دورته الثامنة المنعقدة بمبنى رابطة العالم الإسلامي، بمكة المكرمة في الفترة ما بين ٢٧ ربيع الآخر ١٤٠٥هـ و ٨ جمادى الأولى ١٤٠٥هـ الموافق ١٨-٢٩ يناير ١٩٨٥م قد نظر في موضوع الاجتهاد، وهو بذل الجهد في طلب العلم، بشيء من الأحكام الشرعية، بطريق الاستنباط من أدلة الشريعة. فالهيكل الأساسي للاجتهاد، يتطلب تمام المعرفة، باستجماع الشروط، فلا مجال للاجتهاد إلا بها، تحصيلاً لهذا الفرض الكفائي، كما قال تعالى:(فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ)[التوبة:١٢٢] . فقد أفادت الآية، أن التفقه في الدين، يتطلب التفرغ له، فلابد في الاجتهاد من أخذ الحيطة الكاملة، للوصول إلى الفهم الفقهي الصحيح. وأوضح السيوطي إيضاحًا كاملاً، فرضية الاجتهاد، وأنه لم ينقطع، وذلك في كتابه (الرد على من أخلد إلى الأرض، وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض) فبابه لم يغلق، ولا يملك أحد إغلاقه، ولاسيما أن علماء الأصول- حين بحثوا مسألة جواز خلو الزمن عن مجتهد، أو عدم خلوه- اتفقوا على أن باب الاجتهاد مفتوح أمام من تتوافر فيه شروطه، وإنما تقاصرت الهمم عن تحصيل درجة الاجتهاد، وهي التضلع في علوم القرآن، والسنة المطهرة، وأصول الفقه، وأحوال الزمن، ومقاصد الشريعة، وقواعد الترجيح، عند تعارض الأدلة، مع عدالة المجتهد، وتقواه، والثقة بدينه.
وينقسم الاجتهاد أربعة أقسام: القسم الأول: المجتهد المطلق. كالأئمة المقتدى بهم. القسم الثاني: المجتهد في المذهب، وله أربع أحوال ذكرها الأصوليون. القسم الثالث: مجتهد الترجيح. القسم الرابع: المجتهد في فن، أو في مسألة، أو مسائل، وهو جائز- بناء على أن الاجتهاد يتجزأ - وهو المختار.
لذلك كله قرر المجلس بالإجماع:
١- أن حاجة العصر إلى الاجتهاد حاجة أكيدة، لما يعرض من قضايا، لم تعرض لمن تقدم عصرنا. وكذلك ما سيحدث من قضايا جديدة في المستقبل فقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل، على الاجتهاد، حين لا يجد نصًّا من كتاب الله تعالى، ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم- وذلك حين قال معاذ (أجتهد رأيي، ولا آلو) - وحينئذ تحفظ للإسلام جدته وصلاحيته للعصور كلها، إذ تحل المشكلات في المعاملات، ونظم الاستثمارات الحديثة، وسواها من المشكلات الاجتماعية. وحبذا لو أقيم مركز يجمع ما يصدر عن المجامع، والمؤتمرات، والندوات، لينتفع بذلك، وتزود به كليات الشريعة، والدراسات العليا الإسلامية، وبذلك يشع الإسلام، وفي ذلك ضمان لحياة مستقيمة صالحة.