عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ ٢٣/١٢/١٤٢٦هـ
السؤال
حصل نقاش بيني وبين أحد الزملاء بأن إبليس مطرود من الجنة عندما رفض السجود لآدم، فكيف دخل الجنة بعد طرده منها، ووسوس لآدم بالأكل من الشجرة؟ وهل كان قبل الأمر بالسجود في الجنة أم أين كان؟.
الجواب
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأصحابه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء والمفسرون في كيفية إغواء إبليس لآدم - عليه السلام - فإن الله تعالى أخرجه من الجنة لما أبى السجود لآدم، كما قال تعالى:"قال ما منعك ألا تسجد إذا أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين"(الأعراف:١٢-١٣) وآيات أخرى.
قال ابن مسعود وابن عباس وجمهور العلماء: أغواهما مشافهة، ودليل ذلك قوله تعالى:"وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين"(الأعراف:٢١) وذكر عبد الرزاق عن وهب بن منبه ما خلاصته أن إبليس دخل الجنة في جوف الحية، فلما دخلت به الجنة خرج من جوفها وأغوى آدم وحواء ... في خبر مبسوط. ويظهر أنه من الإسرائيليات، راجع تفسير القرطبي (١/٣١٣) إن شئت.
وقالت طائفة: إن إبليس لم يدخل الجنة إلى آدم بعد ما أُخرج منها، وإنما أغوى بسلطانه وشيطانه ووسوسته التي أعطاه الله تعالى، ولا يلزم من المخاطبة الملاقاة، وأنت تشاهد في هذا الزمان من يخاطب غيره وبينهما مسافات طويلة، وليست سنة ما ذكر الله تعالى عن إبليس وآدم مقيدة بسنن الله تعالى في الحياة الدنيا حتى تقاس عليها ويُسأل عن كيفيتها في ضوء هذه السنن الدنيوية، بل هذا من علم الغيب. ولكن المؤمن يعلم أن ما ذكره الله تعالى من إغواء الشيطان لآدم وحواء حق ولا شك، وأما الكيفية فتترك لعالمها سبحانه، وتعلم أنه قد ورد الخبر عن ذلك بأنه كان بطريق الوسوسة، قال تعالى:"فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما ... "(الأعراف:٢٠) لكن الوسوسة في الأصل هي الصوت الخفي، وقد يكون الموسوس من الإنس، قال تعالى "الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس" ويجب على المسلم - مع الإيمان بما ذكر - ألا يشتغل بمثل هذه الواردات التي تشكل، ولكن يحرص على الاعتبار والحذر مما حذر الله منه، قال الله تعالى بعد ذكره لقصة آدم وإبليس:"يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة"(الأعراف:٢٧) والله تعالى أعلم.