[تربية الابن في بلاد الغرب]
المجيب خالد بن التاهرتي
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/عقبات في طريق التربية
التاريخ ٢٣/١٢/١٤٢٤هـ
السؤال
السلام عليكم.
ابني عمره ١٥ سنة، وهو يمتلك قدرة رائعة على حفظ القرآن، لكنه يفعل أي شيء للابتعاد عن المسجد والصلاة، جربت معه كل شيء، وحرمته من أغراضه الشخصية مثل ألعاب الفيديو، وزيارة أصدقائه، ومشاهدة التلفاز، علماً بأن لديه كثيراً من الأصدقاء غير المسلمين، وبعض المسلمين غير الملتزمين، وعنده صديقان من المسلمين الجيدين، ونتشاجر معه أنا وزوجي في سبيل إصلاحه، (والده غير مسلم وقد تنازل لي عنه قبل إسلامي) هددته بالطرد من البيت، وأخرجته من المدرسة العادية؛ كي يدرس في البيت، ولا فائدة، بماذا تنصحونني؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
فقد اطلعت على ما كتبت الأخت الكريمة, طالبة النصح والتوجيه في مسألة أسالت الكثير من الحبر, وأقضت مضاجع جموع غفيرة من المسلمين في بلاد الكفر, فأقول -وبالله التوفيق -
أولاً: قديماً قيل: إن المصائب يجمعن المصابينا, وحالنا هنا في أوروبا لا تختلف كثيراً عن حالكم في أمريكا.
فمشكاة المشكلة, وسبب المعضلة واحد، إنه مجاورة أمم ومجتمعات لا تدين بما ندين الله به, عقيدةً وسلوكاً, ومنهجاً ونظاماً, فتيارها جارف, وفسادها وارف, ليس العجب فيها ممن هلك كيف هلك, وإنما العجب ممن نجا كيف نجا، وبعيداً عن مجالس المغتربين الخائضين في الأحلام والآمال, أو المشتغلين بالخصومة والجدال, أو المشغولين بالوظائف والأعمال, نخسر في كل شوط من فلذات أكبادنا أضعاف ما نربحه بدخول بعض الكفار إلى الإسلام، وليس الخبر كالمعاينة، فالأزمة جماعية, وحلها ينبغي أن يكون جماعياً, يشارك فيه الجميع ـ في بلاد المسلمين وغيرها ـ بحثاً عن مخرج لما وقعنا فيه، وأوقعنا نسلنا فيه, والله المستعان
ثانياً: إن بذلك للجهد, واستفراغك للوسع, ومكابدتك للمشاق في سبيل صلاح ابنك, هو امتثال لما أمرنا الله به في كتابه:"يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً.." [التحريم: ٦] ، وأمره لنبيه -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "وأمُر أهلك بالصلاة واصطبر عليها " [طه: ١٣٢] ، وهو اقتداء بالأنبياء الكرام في تربية أهلهم, قال الله -تعالى- عن إسماعيل عليه -الصلاة والسلام-:"وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا" [مريم: ٥٥] ، إذاً هي طريقة شاقة, لا تستلزم صبراً فقط, وإنما اصطباراً, وغاية في الجلد والمثابرة دون يأس وقنوط, ليلاً ونهاراً, سراً وجهاراً, بالترغيب تارةً, والترهيب أخرى, بالكلمة الحانية, والدعوة الخالصة, والدمعة الدافقة, والضمة الحارة, بإهداء كتاب أو شريط, أو الدلالة على موقع إسلامي نافع، ووسائل الإصلاح كثيرة لن تعدميها -إن شاء الله-، وهكذا فأنت تتحملين وظيفة عظيمة, إنها معالجة نفس بشرية بكل تعقيداتها, وما شابها من لوثة التقليد للكفار ومخالطتهم.