للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الدعاء على النصارى]

المجيب د. علي بن بخيت الزهراني

عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى

التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/مسائل متفرقة

التاريخ ١٥/٤/١٤٢٣

السؤال

هل يجوز الدعاء على مطلق النصارى أم نحدد النصارى الظالمين، أو المحاربين، أو الحاقدين، أو غير ذلك؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه إلى يوم الدين، وبعد:

يجوز الدعاء على مطلق النصارى؛ لقوله -تعالى-:"لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ... " [المائدة:٧٨] .

قال أبو عبد الله القرطبي في تفسيره (الجامع لأحكام القرآن) بعد هذه الآية (٦/١٨٧) :"فيه مسألة واحدة: وهي جواز لعن الكافرين ... ".

وقد جاء في الكتاب العزيز: لعن الكافرين والمشركين والدعاء عليهم ...

والذي يستحب هو الدعاء على الكافرين المعتدين والظالمين والمحاربين في القنوت عند النوازل، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في (مجموع الفتاوى ٨/٣٣٥) :"والدعاء على جنس الظالمين الكفار مشروع مأمور به، وشرع القنوت والدعاء للمؤمنين، والدعاء على الكافرين".

وقال في موضع آخر (٢١/١٥٤) :"وأما الدعاء على أهل الكتاب ... فهذا منقول عن عمر بن الخطاب أنه كان يدعو به في المكتوبة، وهو موافق لسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ... ".

وقال في موضع آخر (٢٢/٢٧١) :"وينبغي للقانت أن يدعو عند كل نازلة بالدعاء المناسب لتلك النازلة، وإذا سمى من يدعو لهم من المؤمنين، ومن يدعو عليهم من الكافرين المحاربين كان ذلك حسناً".

وقال في موضع آخر (٢٢/٣٧٣) :"وكذلك المأثور عن الصحابة مثل: عمر، وعلي، وغيرهما -رضي الله عنهم- هو: القنوت العارض قنوت النوازل، ودعاء عمر فيه، وهو قوله:"اللهم عذب كفرة أهل الكتاب ... إلخ، يقتضي أنه دعا به عند قتاله للنصارى".

وكل هذه النصوص التي أوردناها تبين أن المستحب هو الدعاء على النصارى المحاربين والظالمين والحاقدين الذين يتربصون بالمؤمنين الدوائر، ويعتدون على المؤمنين في أعراضهم وأموالهم ودمائهم وحرماتهم، أو يناصرون غيرهم من الكافرين في ظلم المؤمنين والاعتداء عليهم.

وأما النصارى الذين لم يظلموا المسلمين أو يحاربوهم أو يناصروا عليهم عدوهم إذا ترك المسلم الدعاء عليهم كان ذلك حسناً، خصوصاً إذا كان ذلك في مقام الدعوة تأليفاً لقلوبهم، وطمعاً في إسلامهم، وعلى هذا يحمل الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في صحيحه (رقم ٢٥٩٩، كتاب: البر والصلة) عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين طلب منه الدعاء على المشركين:"إني لم أبعث لعاناً ولكني بعثت رحمة".

وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم الدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>