للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[موضع الخاتم من الأصابع]

المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى

أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٠٣/١٠/١٤٢٥هـ

السؤال

ما حكم لبس الخاتم في الخنصر والبنصر وغيرهما من الأصابع؟ وهل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم- حديث في لبس الخاتم؟ وهل لبسه اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم- يعتبر من تطبيق السنة؟

الجواب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فالجواب يحتاج إلى شيء من التفصيل، كما أن السؤال يتضمن عدة أسئلة، فنقول وبالله التوفيق: مما لا شك فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد لبس الخاتم، فقد جاء في الصحيحين: البخاري (٥٨٧٣) ومسلم (٢٠٩١) ، عن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: اتخذ الرسول صلى الله عليه وسلم خاتمًا من وَرِقٍ، فكان في يده، ثم كان في يد أبي بكر، رضي الله عنه، ثم كان في يد عمر، رضي الله عنه، ثم كان في يد عثمان، رضي الله عنه، حتى وقع منه في بئر (أَرِيسَ) ، نقشُه: محمد رسول الله. هذا، وقد اختلف العلماء- رحمهم الله- في لبس الخاتم في الجملة، فأباحه الكثير منهم، ولم يكرهوه، وهو ظاهر مذهب الإمام أحمد واختاره أكثر أصحابه، واستدلوا بالحديث السابق، وما في معناه، وبأنه قد اتخذه عدد من الصحابة، رضي الله عنهم- منهم أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة وسعد وابن عمر وغيرهم، رضي الله عنهم، وذهبت طائفة من أصحاب أحمد أنه إن كان لبسه لغرض التزين به فهو مكروه، وذهبت طائفة إلى استحبابه، وهو وجه لأصحاب الإمام أحمد، والصواب- والله أعلم- القول الأول، وهو أن لبسه مباح؛ ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم- لم يلبس الخاتم للتجمُّل والتزين، وإنما اتخذه لحاجة ختم الكتب التي يبعثها إلى الملوك، ففي الصحيحين: البخاري (٦٥) ومسلم (٢٠٩٢) ، عن أنس، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى وقيصر والنجاشي، فقيل: إنهم لا يقبلون كتابًا إلا بخاتم. فصاغ رسول الله صلى الله عليه وسلم- خاتمًا حلقته فضة، ونقش فيه: محمد رسول الله.

هذا، وخلاصة ما تقدم أن الخاتم مسنون في حق من يحتاج إليه ممن له ولاية، كالحاكم ومن يقوم مقامه، وكالقاضي ومن له ولاية عامة أو خاصة، أما من عداهم فيكون في حقه مباحًا؛ لأن بعض الصحابة، رضي الله عنهم، اتخذه، وقد اطلع النبي صلى الله عليه وسلم- على ذلك فأقرهم، ولم ينكر عليهم.

هذا، وأما موضع الخاتم فقد ذهب كثير من أهل العلم إلى أنه يجوز التختُّم في اليمين واليسار، واختلفوا في الأفضل، فالجمهور على أن التختُّم باليسار أفضل، وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد، وهذا هو القول الراجح، ويكون أيضًا بالخنصر؛ لما رواه مسلم (٢٠٩٥) ، عن حماد عن ثابت عن أنس، رضي الله عنه، قال: كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم- في هذه، وأشار إلى الخنصر من يده اليسرى.

هذا وقد كره جمهور العلماء التختُّم في السبابة والوسطى، قلت: وهو الصواب؛ لما رواه مسلم (٢٠٧٨) عن علي، رضي الله عنه، قال: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم- أن أتختم في هذه وهذه. وأومأ إلى السبابة والوسطى. والله أعلم. وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>