أريد أن أسأل عن كيفية خروج الروح للعباد, فإذا كانت جد مؤلمة للكفار فإن المؤمنين كذلك، بما أن للموت لسكرات، وهل يُعذب كثيراً مَنْ كان في هذه الغمرات؟ ونفس السؤال بالنسبة لضمة القبر، فهل هي جد عظيمة أيضاً بالنسبة للعبد المؤمن. أفيدونى -جزاكم الله خيراً-.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن والاه، وبعد:
فقد ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري (٤٤٤٩) ، ومسلم (٢٤٤٣) من حديث عائشة - رضي الله عنها -أن النبي - صلى الله عليه وسلم- لما تغشَّاه الموت جعل يمسح العرق عن وجهه ويقول:"سبحان الله! إن للموت سكرات"، وقالت عائشة - رضي الله عنها-: "ما رأيت الوجع على أحد أشدَّ منه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم-" رواه البخاري (٥٦٤٦) ، ومسلم (٢٥٧٠) ، ففي هذا وغيره من النصوص الشرعية ما يدل على أن الميت يجد ألماً وشدة مما يغشاه عند الموت، فإن سكرة الموت هي: شدته وغمراته التي تذهب بالعقل، وإذا كان المؤمن يجد هذه الشدة، فإن الكافر أيضاً يجد من الألم والشدة أكثر مما يجد المؤمن، كما أن الكافر تنزع روحه أيضاً بشدة، كما جاء في الحديث عن البراء بن عازب - رضي الله عنه- أن روح الكافر والفاجر تفرَّق في جسده عندما يقول لها ملك الموت: أيتها النفس الخبيثة، اخرجي إلى سخط الله وغضبه، وأنه ينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول، فتتقطع معها العروق والعصب، (والسفود هو الحديد الذي يوضع عليه اللحم للشواء) الحديث رواه أحمد (١٨٠٦٣) ، وأما ضمة القبر أو ضغطته فهي: زحمة القبر وعصره، أي: التقاء جانبي القبر على جسد الميت، بحيث يعصره ويضغطه، والكافر والمسلم في ذلك سواء، فلا ينجو منها صالح ولا طالح، غير أن الفرق بين المسلم والكافر فيها: هو دوام الضغط للكافر، وحصول هذه الحالة للمؤمن في أول نزوله إلى قبره، ثم يعود القبر إلى الإنفساح له، وجاء في الحديث الشريف:"إن للقبر ضغطة، لو كان أحد ناجياً منها: نجا سعد بن معاذ" رواه أحمد (٢٣٧٦٢) من حديث عائشة - رضي الله عنها -، وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة، ومما ينبغي ملاحظته هنا: أن أمور الغيب، كعذاب القبر ونعيمه، تختلف في طبيعتها عن عالم الشهادة الذي نشهده، ونحكم عليه بحواسنا وعقولنا، ولذلك لا يقاس عالم الغيب على عالم الشهادة. والله -تعالى- أعلم، والحمد لله رب العالمين.