للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل عارض دعوة محمد بن عبد الوهاب أبوه وأخوه؟]

المجيب د. أحمد بن محمد أبا بطين - رحمه الله -

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ: حوادث وعبر

التاريخ ٠٧/٠٨/١٤٢٦هـ

السؤال

سمعتُ أن محمد بن عبد الوهّاب كان أبوه وأخوه يعارضان دعوته. هل هذا صحيح؟

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فالإجابة على هذا السؤال تحتاج بسطاً وشرحاً واسعاً، لكن الاختصار مطلوب، فأقول وبالله التوفيق.

أولاً: شكر الله للأخ السائل حرصه على معرفة موضوع السؤال الذي طرحه، ويدل سؤاله على العقل والإنصاف الذي يتمتع به، وهو ينطلق من منهج القرآن الكريم، حيث يقول الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" [الحجرات: ٦] .

ثانياً: وإجابة السؤال تتضمن الحكم على الأشخاص، والحكم لا يصدر إلا ممن هومحيط بخلفية علمية عن المسؤول عنهم، فهؤلاء الذين أثاروا قضية مخالفة والد الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ومخالفة أخيه هل عندهم خلفية علمية عن سعة علم والد الشيخ، وخلفية علمية عن سعة علم أخيه حتى يكون خلافهما للشيخ محمد حكماً على خطئه؟ أم أن أصل المسألة هو معاداتهم للشيخ من قبلهم، قبل أن يعرفوا موقف الوالد والأخ, وأنهم لما سمعوا هذا الخلاف جعلوه حكماً على خطأ الشيخ دون أن يعرفوا الخلفية العلمية لوالد الشيخ وأخيه؟ وهذا هو الذي يظهر لي في المسألة.

ثالثاً: وأما ما سمعته -يا أخي- من معارضة والد الشيخ لابنه محمد فهو على النقيض من فهم الخصوم. لقد حدث أن منع والد الشيخ ولده محمد من مزاولة الإنكار المباشر؛ وذلك من أجل الخوف على الابن، والخوف كذلك من مشكلات اجتماعية لا يستطيع الأب أن يتحملها كسائر علماء عصره، والحق في هذه المسألة أن والد الشيخ قد ربى ولده تربية صالحة، وفتح له باب طلب العلم والسفر من أجله، واعترف الأب بأنه استفاد من ابنه محمد في بعض مسائل الفقه.

وأما مخالفة الأخ لأخيه فليست حكماً على الشيخ، فكم من الأنبياء خالفهم آباؤهم، مثل إبراهيم -عليه السلام- وخالفهم أبناؤهم، مثل نوح -عليه السلام- وخالفهم بعض أعمامهم، مثل ما حصل لنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- من مخالفة عميه له أبي لهب وأبي طالب، وكم من الدعاة الصالحين خالفهم أقاربهم لأي ظرف من الظروف الاجتماعية أو النفسية أو السياسية أو غير ذلك، ولم يقدح ذلك في صحة منهج الدعاة المخلصين، ولم يفت في عضدهم.

والله أعلم, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>